مأساة سيل الزرقاء دليل على الإدارة الحكومية الفاشلة
ايمن الصفدي
27-12-2006 02:00 AM
تدفق مياه ملوثة إلى سيل الزرقاء منذ أكثر من ثلاثة أسابيع جريمة. لكن الجريمة الأكبر هي الإهمال الحكومي لهذا الخطر البيئي. ثلاثة أسابيع والمياه الملوثة تزيد سيل الزرقاء تلوثاً. رئيسا بلدية الزرقاء والرصيفة يطلبان تحركاً رسمياً لمعالجة التسرب. لكن لا حياة لمن تنادي. لا وزارة المياه حركت ساكناً. ولا وزارة البيئة أبهت بما يجري. الكل يلقي بالمسؤولية على الآخر. والضحية مياه سيل الزرقاء، الذي كانت وزارة البيئة أقرت بحجم الكارثة البيئية التي نالته وأعلنت برنامجاً تدريجياً لإعادة تأهيله.
ولا صوت لنواب محافظة الزرقاء أيضاً (حتى أمسِ وبعد إثارة الموضوع في الغد) لمطالبة الحكومة تحمل مسؤولياتها في وقف تلوث بيئي سيعاني منه ناخبوهم. فقط أهالي المنطقة المجاورة للسيل ورئيسا بلديتي الزرقاء والرصيفة يصرخون، من دون جدوى، من أجل تحرك سريع لوقف تدفق المياه الملوثة إلى السيل، الذي يخرق عبر 73 كيلو متراً مناطق عديدة في المملكة.
مأساة سيل الزرقاء دليل على الإدارة الحكومية الفاشلة لموارد الدولة. السيل كان، قبل عقود ليست طويلة، مقصداً للسياح ومصدر رزق للمزارعين. الإهمال وغياب الرقابة وانعدام الاهتمام أحال السيل كارثة بيئية، هي مرآة لمعاناة محافظة الزرقاء، من الأزرق حتى الرصيفة، من السياسات الحكومية المتهورة واللامسؤولة.
المعضلة الحالية هي دليل على استمرار حال عدم الاكتراث الحكومي بالموارد الطبيعية والاستهتار بحق المواطنين في بيئة نظيفة. وإلا فكيف يمكن تفسير عدم قيام وزارة المياه أو وزارة البيئة بأي إجراء عملي لحماية السيل رغم استمرار تدفق المياه الملوثة إليه؟
كان من المفترض أن تعلن الوزارتان حالة طوارئ وقت اكتشاف التلوث الجديد، سواء كان مصدره مياهاً عادمة أو مياه مصانع. وكان على الوزيرين أن يطلقا ورشة عمل على مدى الساعة لإيقاف التلوث. لكن هذا لم يحصل. كل ما فعلته الوزارتان هو إعطاء ردود غير مقنعة عبر مسؤولين فيهما على أسئلة "الغد" عن أسباب عدم التصدي للمشكلة.
التلوث الذي يضرب سيل الزرقاء منذ أسابيع حال تستدعي اهتماماً مباشراً من الحكومة. وبما أن الوزراء المعنيين لم يقوموا بدورهم، ضروري أن يتحرك رئيس الوزراء لإطلاق جهد فوري لوقف التلوث.
ومن يدري، ربما يلتفت مجلس النواب، وخصوصاً نواب الزرقاء، إلى القضية، فيطرح مسألة تلوث السيل تحت القبة. فتلوث سيل الزرقاء أهم من الحصول على تأشيرات حج لتوزيعها على أقارب ومعارف. ومن يدري أيضاً، فربما يسارع رئيس الحكومة إلى فتح تحقيق لتقصي أسباب القصور في معالجة الأزمة، وربما، لمرة، يحاسب مسؤول عن قصور لا مجال لإنكاره.