لقاء أكاديمي عربي بمظلة سعودية
عادل حواتمة
20-06-2018 01:28 AM
محطة مهمة من نهج سعودي مدروس؛ يقوم على فكرة اعداد كفاءات سعودية بأدوات علمية، موطنها الغرب المتقدم اكاديمياً وتطبيقياً، بإصرار ملكي؛ يهدف لردم الهوة بين الشرق والغرب؛ عن طريق الاستثمار بالموارد البشرية السعودية مبعث فخر القيادة السعودية. المحطة تلك هي التي ساهم بترسيخها النادي السعودي في مدينة يورك البريطانية؛ انسجاماً منه مع التوجيهات الملكية، التي تمتاز بنظرة شمولية مفادها عدم الاكتفاء بالفعل عند الابتعاث فقط؛ بل يجب أن تتكامل الأدوار، وتتراكم لتنتج عملية مكتملة تبدأ بالابتعاث، بما يرافقه من تفرعات لازمة كالقبول الجامعي، وتأمين الإقامة، والتعريف بتاريخ المدينة، وتقاليدها وكيفية التعامل مع بعض خصوصياتها، إلى المتابعة الأسبوعية؛ الحياتية والأكاديمية، ووضع خبرات الاخوة السابقين بتصرف المبتعثين الجدد، وصولاً إلى الاحتفاء بالنجاح والتميز متوجاً بحفل تكريم، يعلن جاهزية المبتعث لينقل علمه وخبرته للمساهمة في بناء وطنه بطريقة يرقى به لمصاف الدول الرائدة.
بالأمس الجميل؛ الذي تميز بلقاء أكاديمي عربي في مكان واحد، حرص على تجسيده الاخوة الإداريين والأعضاء في النادي السعودي وعلى رأسهم رئيس النادي الدكتور خالد الاسمري، التقينا معاً وكان اللقاء الأول بالنسبة لي نظراً لحداثة عهدي بالجامعة والمدينة، حيث كان العنوان الأبرز للقاء هو تبادل التهاني بمناسبة عيد الفطر السعيد، ومناقشة بعض القضايا ذات الصبغة الاكاديمية إلى جانب تكريم مجموعة من أبناء الاخوة المبتعثين قارئي القرآن، والصائمين خلال الشهر الفضيل، نظراً لطول ساعات الصيام هنا والتي تقترب من عشرين ساعة.
وبالرغم من ذلك، فلقد احتوى اللقاء دلالات أخرى، يمكن استخلاصها بالنظر الى تأثير البيئة المحيطة والمماثلة؛ حيث تقفز للأذهان دلالة الحرص على التنظيم، والتأطير للعمل الأكاديمي والاجتماعي، رغبة في تكامل الجهود، والحفاظ على انتظامها في السياق المرسوم، تجنباً للتشتت والتيه. كما تبرز دلالة الميزة المحورية وقد اجتهد هنا واسميها الميزة "الشجرية" بمعنى مدى الانسجام بين الأصل والفروع، فلقد برزت المملكة العربية السعودية بقيادتها الرشيدة مؤخرا كمحور فاعل للعمل العربي والإسلامي المشترك، وهنا نجد أن النادي، واخوانه من النوادي الأخرى ينتظم بالإطار ذاته ليقدم نفسه، باعتباره محوراً للأخوة العرب في المدينة الإنجليزية، وذلك بتركيزه على المضمون المنتج والمبادئ الجامعة، بعيداً عن المظاهر وتعرجاتها. حيث يحرص النادي على إقامة اللقاءات الهادفة التي تجمع الاخوة السعوديين إلى جانب اخوانهم العرب دون تمييز، ولعل أبرزها تكريم الحاصلين على الدرجات العلمية في الدراسات العليا ما يعزز سلوك الخريجين ويمنحهم انطلاقة إيجابية منقطعة النظير.
لأكثر من عقد من الزمن، والنادي يعمل على تنفيذ أهدافه الاكاديمية والاجتماعية، وتحقيق المنجزات وفي كل دورة يتميز ويبدع، ويرسل رسائله بكافة الاتجاهات، افقياً وعمودياً لتظهر النهج الذي يخالف ما طُبعنا به كعرب سلوكياً من سبيل التعثر والتردد والانطواء؛ ليحصل النادي في هذا العام على العضوية الكاملة، من منظمة (York CVS) التطوعية، وهي من الشراكات النوعية، التي تبرز صورة ناصعة عن العرب عموماً والشباب السعودي خصوصاً انسجاماً مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ لتعزيز العمل التطوعي، والوصول إلى مليون متطوع وأكثر. لن يكتف بهذا فقط النادي واقرانه من النوادي السعودية والعربية الأخرى المنتشرة في العالم، بل سيقدمون كل منجز بطريقة مبتكرة، تنفتح على المجتمع المحلي؛ محاولة تغيير الصورة الانطباعية التي للأسف ترسخت في كثير من الاذهان والتي رسمت الانسان العربي باعتباره كائناً يقبع في مراتع اللهو والضياع والسلبية.
هنا أسجل اعتزازي واحترامي لهذا النهج، كطالب أردني يدرس على نفقته الخاصة، ولا ينكر فضل بلده، بل يحاول جاهداً ان يقنع نفسه بالمبررات والنصائح؛ التي قدمها له مشكورين رجالات بلده، من رئيس حكومة سابق، مروراً برأس البرلمان وصولاً لبعض الوزراء العاملين والسابقين، وذلك خلال السعي الذي تم انتهاجه من خلال مقابلتهم في رحلة البحث عن منحه دكتوراه.