فجأة استعاد الاردنيون حديثا سابقا للسيدة بسمة نسور ضمن سياق وحديث لم يتابعه الناس حين تم بثه، لكن الهجمة على بسمة نسور تستحق التوقف. البعض راح يبحث عن تاريخ قديم وعن إثبات وجود. والبعض استدعى أدوار القبيلة، والبعض قال إن عمان بنيت عبر تنوع الأجناس وأن ما حولها من القبائل والعائلات الاردنية الضاربة بالوجود لا تخضع لاكراهات السياسة والإعلام.
قالوا: إن الوزيرة تجهل تاريخنا وما أظن. وقالوا: إنها تتعمد تجاهل التاريخ. ولا أرى أنها وجهت كلامها في سياق تصفية التاريخ أو بيعه لصالح جهة أجنبية أو بقصد الإساءة لأحد. والبعض قال كيف تجهل الوزيرة تاريخنا. وهل للوزراء اختصاص دقيق؟ لم يشفع لبسمه اي شيء عبر هجمات التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح. لكننا وقعنا بفخ البث الإلكتروني المفتوح المفضي لمزيد من البلاغة والكراهية في آن.
ربما أن الحراك انتقل في العيد من الميدان والشارع إلى الفضاء الإلكتروني. لكن الحقيقة أن وزارة الثقافة تحتاج لعمل كبير وميزانية أكبر وعطاء فاعل وبرامج ودعم من القطاع الخاص.
ليست الأزمة اليوم هي ماذا قالت معالي الوزيرة الا في حدود غضب الغاضبين لغضبهم. هناك هويات تحضر وطلب على التاريخ العائلي. وطلب على البطولة لمواجهة حاضر كله هزائم. ولهذا يبحث الناس عن نصر ولو مؤقت.
لم يكن عند الوزيرة بسمة نسور أي نية مبيتة للنيل من تاريخ قبائل وعشائر عمان. هي لم تحضر بقصد تصفية التاريخ الخاص بهم. لكن الفجيعة حتى وإن لم يكن تعيين النسور مريحا أو مفضلا لدى البعض. . فإن الغائب في الحوار الفيسبوكي هو العقل الذي يمكن أن يقدم خطة ثقافية بديلة أو مساعدة لعمل الوزارة.
الناس وأنا منهم قد نكون ضد تعيين النسور وزيرة ثقافة. أو ضد أو مع تعيين غيرها. لكن كيف يمكننا أن نغير أو نجعل أداء الوزراء أفضل.
وحيث إن الجسم الثقافي مؤطر وله مؤسسات. فإن الرقابة على أداء بسمه النسور ربما يكون الأكثر حسما للجدل. حيث إنها على عكس الوزراء الآخرين تواجه نقادا بسقوف مفتوحة ومن كل الخلفيات الفكرية والفنية والسياسية والاجتماعية من قبائل وحضر وفلاحين وليراليين وقوميين وإسلاميين.
فالحسم الكبير في تقييم عمل اي وزير يكون في الميدان وفي الإنجازات وفي متابعة الخطط وفي إنجاز خطة ثقافة وطنية.
وتظل عمان بكل تعددها وتنوعها محل تقدير الجميع ولا أحد يحق له نفي حضور أحد، فجميع القبائل والأصول المختلفة تضرب بعيدا في التاريخ وتحضر وطنيا في كل الأزمنة.
الدستور