اثيرت زوبعة قبل فترة حول استثمارات الضمان الاجتماعي ما لبثت ان هدأت بعد التعينات الجديدة لمدير الضمان ومدير صندوق الاستثمار .بالرغم من هدوء الزوبعة وانشغال الناس في مواضيع كثيرة وعلى رأسها مشروع قانون الضريبة لأهميته, الا ان اموال الضمان وحمايتها ما زالت تشكل هاجس للكثيرين . عند بداية التأسيس استفاد البعض من الثغرات القانونية لمؤسسة الضمان الاجتماعي, حيث يتقاضى حاليا حوالى مئة مشترك ما يقارب مليون دينار رواتب شهرية كتقاعد, وسوف يستمرون هم وورثتهم ايضا بتقاضي مبالغ طائلة طيلة السنوات القادمة التي قد تصل كلفتها على صندوق اموال الضمان اكثر من ربع مليون دينار حتى وفاة اخر وريث لأولئك المتقاعدين .
هذا بالإضافة الى التقاعد المبكر الذي فسح المجال لاستنزاف اموال الضمان بشكل غير مدروس , والتي تستأثر بالقيمة الاكبر من فاتورة التقاعد الشهرية التي تبلغ حوالي 81 مليون دينار , ناهيك عن تكاليف اصابات العمل بسبب الاهمال وضعف تطبيق القانون او نقص التشريعات فيما يتعلق بالسلامة العامة , فالإحصائيات تشير الى وقوع وفاة كل 3 أيام في القطاعين الخاص والحكومي، ويُبلغ الضمان الاجتماعي بحادث عمل كل 39 دقيقة، وما زال قطاع الانشاءات يحتل المرتبة الاولى في معدل وقوع الاصابات التي تقدر بحوالي 35 إصابة لكل 1000 مؤمن عليه .
استنزاف اموال الضمان امرا لا يجوز السكوت عليه و بحاجة الى اجراءات ملموسة , ففصل صندوق الرواتب التقاعدية عن صندوق التأمين ضد اصابات العمل وغيرها اصبح امرا ملحا وهذا معمول به في كل دول العالم , فلا يجوز ان يبقى المشتركين يدفعون ثمن اهمال اصحاب الشركات او الملاك الذين يرفضون الصرف على السلامة العامة في منشأتهم .واما التقاعد المبكر فلا بد ان يتم اعادة النظر فيه, كذلك يجب ان نأخذ في الحسبان ان متوسط عمر الانسان الاردني ارتفع في السنين الاخيرة من 71 الى 77 سنة للرجال , وللنساء من 73 سنة الى 80 سنة, وهذا من شأنه زيادة الاعباء على اموال الصندوق مع مرور الزمن . اذن هناك ثغرات قانونية وتنظيمية ما تزال تستنزف اموال الضمان وهي بحاجة الى معالجة.
وهناك على الجانب الاخر الذراع الاستثماري لأموال الضمان, وهو صندوق الاستثمار الذي بدأ العمل فيه عام 2003 وهو المؤتمن على اموال الشعب الاردني .
هذا الصندوق ومجلسه الاستثماري يخضع لإحكام نظام رقم 97 لسنة 2014. وككل البدايات كانت الاستثمارات متواضعة, ولكن اصبح من الضروري ان يكون هناك تنويع في الاستثمار وخصوصا المحلي, فهناك قطاعات يستفيد منها مستثمرين غير اردنيين, ومنها على سبيل المثال قطاع البنوك وشركات الاتصالات التي تفوق عوائدها الربحية المليار دولار سنويا . فالفرص الاستثمارية في هذين القطاعين ما زالت واعدة , ومن المفترض ان تكون على رأس اولويات الصندوق الاستثماري للضمان, ولذلك يجب ان يضع الصندوق من ضمن خططه انشاء بنك يملكه مشتركين الضمان الاجتماعي, وتأسيس شركة اتصالات لان المرابح في هذين القطاعين مضمونة وهائلة . واما من يقوم من المهتمين بمراجعة نظام الصندوق فانه يلاحظ ان هناك ثغرات قانونية في تشكيل اللجان , فاذا ما استثنينا العضو الغير متفرغ ( وهنا لا ادري ما الحكمة من وجود عضو غير متفرغ ) ومدير المجلس , فيصبح عدد اعضاء مجلس الاستثمار سبعة اعضاء الذين يتم تشكيل اعضاء اللجان الثلاثة منهم كما هو منصوص عليه في نظام الصندوق , وهذا يعني ان عضوا واحدا يشترك في لجنتين مختلفتين حتى يكتمل النصاب وهذا فيه تضارب للمصالح, حيث لا يجوز ان يكون العضو عضوا في لجنتين واحدة تدقق والاخرى مختصة بالمخاطر, ناهيك ان هذه اللجان تجتمع مرة كل شهر او شهرين لمراجعة التقارير التي يقوم بتجهيزها موظفين قد لا يكونوا مؤهلين بالقدر الكافي.
يلاحظ ايضا غياب التدقيق والتقارير المالية لأطراف محايدة خارجية , فلا يوجد تقارير تدقيق معلنة من قبل اطراف خارجية محايدة على عمل الصندوق منشورة في الموقع الإلكتروني للصندوق. ولهذا نرى ان يتم مناقشة نظام الصندوق في مجلس النواب بغرض تعديله لتحديث شروط اختيار اعضاء المجلس وعددهم وتشكيل اللجان و الامور الرقابية الداخلية والخارجية , ومنها ضرورة نشر التقارير السنوية او ربع السنوية , والكشف عن ادوات الاستثمار التي يتبناها الصندوق, وكذلك الية عمل الصندوق ليتسنى لمشتركين الضمان من متابعتها .فالمسائلة والشفافية والانظمة الداخلية بأرقى المعايير العالمية يجب تطبيقها داخل اروقة هذا الصندوق الاستثماري الاهم لجميع الاردنيين.
المهندس وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com