انقلبت توجهات الرأي العام الأردني رأساً على عقب بسرعة البرق، فخلال أقلّ من ساعة تحوّلت الثقة الكبيرة بالحكومة ورأسها تحديداً، إلى ما يشبه النقمة العامة وبدا الأردنيون وكأنّهم يعتذرون عن موقفهم المؤيد من أساسه.
لا أحد يشكّك بكفاءة ونزاهة رئيس الحكومة، وبدا ذلك واضحاً على مدار أحد عشر يوماً فصلت ما بين التكليف والتشكيل، ولكنّ الضربة الموجعة جاءت بعد الاعلان الرسمي عن أسماء الوزراء، حين اكتشف المواطنون الغاضبون أنّ أكثر من نصف أعضاء الحكومة السابقة حافظوا على وجودهم، وأنّ شبهات محاباة ظلّلت بعض التعيينات الأخرى.
النظرة المتأملة للتشكيلة الحكومية تشي بأنّها اقتصادية بامتياز، فالفريق الاقتصادي الذي سيقوده الرئيس نفسه، وبمساعدة لصيقة من نائبه المخضرم الدكتور رجائي المعشر، يبدو متناسقاً ومتفاهماً على أسلوب العمل، على العكس ممّا جرى في الحكومة السابقة.
لا نكشف سرّاً حين نقول إنّ وزيرين سابقين خرجا في آخر تعديل لحكومة الدكتور الملقي أبلغا كاتب هذه السطور معلومات يصعب هضمها عن الخلافات العميقة بين الوزراء المعنيين بالملف، خصوصاً حول القرارات الصعبة التي أدّت في آخر الأمر إلى خروج الناس إلى الشارع وبالتالي اسقاط الحكومة.
الدكتور الرزاز يُطالب الناس في اعلان له على وسائل التواصل الاجتماعي الصبر والحكم على الانجاز، وهذا من حقّه، ولعلّ ما يشفع له أنّ الوزراء الباقين لم يشاركوا في رحلة التأزيم، وأنّ الوزراء الجدد بعيدون عن شبهات فساد، ويبقى أنّ حكومة الرزاز ستحصل على ثقة مجلس النواب كما حصلت غيرها عليها، ولكنّ استعادة ثقة الشارع هي المطلوبة الآن باستدراك كلّ أخطاء الحكومة السابقة وبالسرعة الممكنة.
عن "السبيل".