ويجيبه "لا تُهاجر" وعن هجرة الكفاءات يسأل
د.هشام المكانين العجارمة
17-06-2018 04:22 PM
على هامش تساؤل (قتيبة) أحد أبناء الوطن الحالمين للرئيس المكلف عبر مواقع التواصل - إبان الاعلان عن تكليفه - هل هناك من أمل أم نهاجر ؟ طرح الرئيس المكلف تساؤلاً حقيقياً عن دواعي هجرة الأردنيين ورغبة المتبقي منهم وهم كُثر بالهجرة.
وللإجابة عن ذلك أقول آخذاً بعين التمثيل هجرة أصحاب الكفاءات وحملة الشهادات العليا:
أن هجرة الشباب ومن هم من أهل الكفاءات ليس حدثاً جديداً بل هو ذو تاريخ طويل لم تلقي أركان الدولة صاحبة القرار أعينها عليه، بل ولم تصغي لنداءات الكثير ممن هاجروا وهم بديار الاغتراب، نداءات مؤلمة لسان حالها يقول: ( لما تتركونا ها هُنا ووطننا بنا أحق! هل نعطل مسيرة أم ندفعها ! هل عققنا وطننا ! أم كُنا خير من يُبر به! لما لم تهتمون لهجرتنا ؟ أم إنها كانت بسببنا!)،،، نداءات كانت ولا زالت إن سمعها أحد قال: إبقى هناك، ما الذي تطلبه ! ما الذي يُرجعك !! أأحد يهاجر ويطلب العودة !!!.
يستنكرون الرجوع وهم لا يعلموا مرارة الاغتراب أو حرقة الاستغلال فهم غريبو ديار لو اتسع لهم وطنهم لما غادروا .
نعم يا دولة الرئيس لو اتسع لهم وطنهم لما غادروا.
والأغرب من هذا كله أن الدولة لم تحرك ساكناً لهجرة أبنائها، ولم تأخذ بعين الإعتبار دراسة هذه الظاهرة دراسة استقرائية متأنية معمقة لمعرفة السبب والدلالات وانعكاسات ذلك على جوانب الحياة المختلفة الاقتصادية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والسياسية وحتى التنموية.
وبتحليل أكثر تجرد وبتسلسل أكثر اختصارا
إن متخذي القرار في الدولة الأردنية لم يعوا حقاً وحتى هذه اللحظة معنى التنمية والبناء والاستثمار ودور العنصر البشري فيه خاصة دور أهل العقل وإعمال الفكر واستعاضت عن ذلك كله بأهل الرفاه طابور المعاكسين لتوجهات لرؤى جلالة الملك في المضمون والسلوك الذي لا يرغبون بظهور غيرهم على الساحة الوطنية لتجد البعض منهم خُلق للموقع وإن غادره فعودته لن تطول تماماً كما يكتب في كثير من التقارير الطبية "اسبوع ويراجع" أو تكون عودته للموقع بالتناوب بينه وبين آخر دورة لهذا ودورة لذاك.
هذا الطابور بات يتشبث بالموقع ويحارب كل من قد تتاح له الفرصة من الأنصار والمهاجرين، يحاربونهم في أرزاقهم وكأنهم أبناء الضُرّة حتى ضاق الوطن عليهم بما رحُب.
هذا الطابور الذي بات يُغلق الأبواب في الوجوه ويُسكر الآمال في النفوس ويخيب في المستقبل الظنون
دولة الرئيس
ولكي لا يُفهم من معرض حديثي بأن أهل الكفاءات يبحثون عن مواقع دولة لكي لا يكون الجواب (لا مجال باتساعهم) فإنني أوضح لك بأن أهل الكفاءات لا يبحثون عن موقع بقدر بحثهم عن طريق لذواتهم لعلهم يجدون لها متنفسا ومسلكا، بحثهم عن فرص لعمل يخرجهم من ضيق متطلباتهم المالية في زمن بات الحليم فيه حيران، زمن اقصاء حاملي القلم وتقريب حاملي السيجار، زمن تهميش صلعان العلم واستبدالهم بصلعان الموضة، زمن إستثناء أهل الاختصاص والخبرات لتقريب المعارف والمحسوبيات، زمن اختزلت فيه الكفاءة في شخوص ولم يعد فيه للعصامية التي يُنادى بها قيمة، وياليتنا نرى تكريماً لها لنُبقي بريق الأمل بالقادم لعلّه أفضل.
هذا الحال الذي وصفت حال من هاجر ووجد فرصة للهجرة والعمل، فكيف حال من تعثرت به الخطا في وطنه ! فاصبح يبكي شهاداته وعلمه صباح مساء وديون تكلفة دراسته لا زالت عالقه، دراسته التي وجدت من طموح رغم ارتفاع تكلفتها، دراسة كفلتها دعوات الامهات بالستر والتوفيق، إذ لم هناك أرض تباع ولا بواقي حتى لمتاع، دراسة جُبلت بضيق الحال وسهر الليالي وحرمان النفس ليصطدم صاحبها بواقع الحاضر وضبابية المستقبل ولسان حاله يقول: ليتهم علموني بأن الكفاءة والنزاهة والعدالة والشفافية قيم للكتابة والإنشاء لا أكثر،، ليتني لم أفعلها،، ليتني أدركت سابقاً بأن الطريق إلى المستقبل أقصر منها،، ليتني كنت طارقاً للطبل لا طارقاً لأبواب العلم،، ليتني وليتني وليتني ،،،
دولة الرئيس
إن قساوة الظروف الاقتصادية، وسيطرة فريق الرافضين إلا إذا كان المتقدم للوظيفة ذا قربى، وتفشي الواسطة وتعزيز المحسوبية وتمكين المناطقية، وشللية العمل، وتفصيل اعلانات التوظيف والتعيين، وتهميش أصحاب الفكر، وعدم المتاجرة بهم وبفكرهم مقابل التمسك بمن هم من خارج الدولة، وفوضى التعليم العالي ومزاجيته على مدار سنوات خلت، ونظام الترقيات الأكاديمية غير العادل، وسوء دعم البحث، وتضييق حدود الانجاز والتطوير، وسوء الاحوال المعيشية وضغوطات الحياة والعمل، وتدني الرواتب والتي لا تعادل ما يمكن تحصيله من كشك يبيع القهوة على قارعة الطريق أو عرباية تدفق الترمس على المتسليين أو ريع متسول يطرق نوافذ المارين، رواتب إن توافرت لا تتيح ظروف العيش الكريم في ضوء تعظيم الألقاب ومتطلبات الواقع الأليم، وارتفاع تكلفة المعيشة في وطن بات الأغلى معيشياً رغم أنه الأغلى بالقلوب وسيبقى كذلك أرضاً وقيادةً وشعبا ،، كل ما ذكرت يقابله دعم مجزي تقدمه الدول المستقطبة لإيمانها بالعقل الأردني وكفاءته وقدرته، والكل يعلم كما أي قارىء لهذا المقال كفاءة الاردني وتفرده بالتميز خارج حدود الدولة، رغم تميزه داخل حدودها أيضاً إن فتحت له الأبواب،
كل هذا وغيره الكثير كفيل لدعم هجرة أصحاب الكفاءات.
دولة الرئيس
أوبعد هذا تسأل لماذا يهاجر الاردنيون! ألم تعش بينهم ! ألم تسمع كغيرك صرخات ألمهم وحرقتهم ! ألم تسمع حنين من هاجر منهم ! ألا تعلم بأن في الداخل هجرة هي كما في الخارج إن لم تزد ! ألا تعلم بأن العقوق متبادلة ولا تقف عند جانب دون الآخر، وأن الأوطان قد تعق كذلك كماء الآباء قد يعقون أيضا أبناءهم.
دولة الرئيس
دعهم يهاجرون بحثاً عن حياة كريمة وفرص تائهة لعلها تكون أفضل،، دعهم يهاجرون لعلهم يقللون نسب البطالة التي باتت شكوى الدولة المتكررة إثر ترنحها تحت تأثيرات وطأتها ،، دعهم يهاجرون فوالذي أنشأ في نفسي ونفسك الروح لو تتاح لي الفرصة ما وفرتها ولا قصرت فكل ما يدور حولي ويحدث أمامي لا عقل يتصوره ولا دماغ يتفكره، فهل يرضيك ذلك ؟ فانظر ما أنت صانع وأنت الرئيس الآن والامال بكم معقودة فلا تخيب الظن بجيلٍ تغير فِكره وانبرى قلمه وزان نظمه غيرةً وحباً وانتماءا ،، جيلٌ ما انفك يؤمن بأن الارزاق والآجال بيد الله ،، جيلٌ لا يعرف إلا الله خالقاً ومدبراً ونصيرا ثم الملك ولياً وراعياً وظهيرا،، جيل يعيش الوطن بداخله قبل أن يعيشوا هم بخارجه،، جيل لا زال مع التيار مؤمنا به فلا تحدوه على مخالفته ومعاكسته.
دولة الرئيس وفي خلاصة القول:
إن كنت تستنكر هجرة الاردنيين اليوم وهم أمانة بعنقك فاحرص على تغيير الحال للأفضل وكن أنت من يعلق الجرس تجاه ظاهرة باتت تزداد يوماً بعد يوم وأخشى ما أخشاه أن تهاجر محبة وطنهم من قلوبهم كما تهاجر ذكريات المكان من عقولهم، لذا، لتُعِد لأولئك ثقتهم بوطنهم وستجد الفارق في التنمية والاستثمار الحقيقي وحُسن الانتماء والاخلاص في الولاء.
نهاية حفظ الله الأردن قيادةً وأرضاً وشعبا
وعن المهجرين في الداخل والخارج