ما لعِبَادِ الرزّاق على الرزّاز !
علاء مصلح الكايد
17-06-2018 12:54 PM
إستتباعاً لمدِّ الحراك المُنتصر و على نحوٍ مُفاجيء ، حُطِّمَت التّابوهات الصّنميّة و أصبح الشعب ينتقد الرّئيس و الوزراء علانيةً بعد أن كان يُلمِحُ لإبن الرّئيس من بعيدٍ في أمسِهِ القريب .
و لا يختلف إثنان على صحّة الفكرة من حيث الأساس و دقّة عددٍ من الملاحظات و شرعيّة بعضٍ من الإستفهامات ، لكنّ المرفوض هو أن ( يشطح ) كثيرون ليتناولوا حتّى ( الأعراض ) على نحوٍ دخيلٍ لم يكُن يوماً في قاموس شيم مُجتمعنا الأردني النبيل ، فإن كان النقد وسيلة مشروعة فما الغاية المشروعة في هذا ؟
و أنا هُنا لا أدافع عن حكومةٍ لم تباشر مهامّها بعد فهذا ضربٌ من العبث و إنتحارٌ للموضوعيّة و المصداقيّة ، لكن القصد أن هذا لن يجدي نفعاً و لن يحدث أثراً بعد أن بات أمرُ التشكيلِ مفعولاً .
دعونـا نتحرّر من عواطفنا لا بل حتّى من قياساتنا المنطقيّة و المناطقيّة عند النّظر إلى التشكيل من حيث الأهليّةِ و التجانس ، فمسؤوليّة النجاح و الفشل تقع على عاتق الرئيس و فريقه و ليست مسؤوليّة أيّ منّا و إن كانت تنعكس علينا في نهاية المطاف ، لكنّ الشّعب اليوم في أقوى المراكز و هو المُحاسِبُ بكسر السّين و الحكومة بفتحها .
نحنُ نعرف ما نريد و الحكومة عالمةٌ بما ينقصنا ، و علينا ألّا نُغادر حراكنا المسؤول لكن دون أن نستنزف طاقاتنا في أسئلةٍ لن تعني لنا إجاباتها شيئاً ، و دون أن نسبر أغواراً لا هي تُسمن و لا تغني من جوع .
لدينا الآن حكومةٌ في طور البداية و أطنانٌ من الملفّات المفتوحة و الّتي لا تحتمل التأجيل .
و لعلّ جُلّ ما نريده من الرئيس و مرؤوسيه يختزلُ في لقمة عيشنا و مستقبل أبنائنا ، و إستعادة هيبة الدولة و صيانة مُقدّراتها ، و إجراءاتٌ تقشّفيّةٌ تباشرها الدولة على نفسها بنفسها تزيل الإحتقان الناجم عمّا تقتّره على مواطنها و تجود به على ذاتها ، و علاقةٌ دستوريّةٌ مع نوابه عمادها الدستور لا الترهيب و الترغيب المشوِّهُ للسُّلُطات و المُقزِّم لأدوارها ، و تجاوز الإعتبارات المعيقة للعدالة الإجتماعيّة الهادمة للإنتماء و المواطنة المتساوية .
باقي من الزمن شهرٌ إلّا بضعة أيّامٍ تُلزَمُ الحكومة خلالها أن تتقدّم ببيانها الوزاريّ و الذي سيُقدّمُ هذه المرّة للشعب لا للنوّاب ، فالمارد الشعبيِّ مُخيفٌ و لا حصانة لأحدٍ أمامه .
و إنّي لأجزمُ أنّ كُلّ مُعترِضٍ سيَكُفُّ إن رأى من الحكومة جديّةً و عزماً و مُثابرةً على الإصلاح ، فعندها لا يهمّه من دخل و من خرج إذ العبرة في الأداء و الأمور بخواتيمها .
و بعيداً عن الإساءات و أصحابها ، لقد أثبت الشعب أنّه موضوعيٌّ و طويلُ النَّفَس إبّان حراكه الأخير و ما سبقهُ ، و ما في قبول الشارع للدكتور الرّزاز رئيساً للحكومة إلّا إعمالٌ لقاعدة " لا تزر وازرةٌ وزر أُخرى " و أنّا لنستبشرُ الخير إن كان دليلهُ قائماً .
نعلمُ أنها ليست بثقيلةٍ فحسب بل إنّها الأكثر جسامةً ، لكن الأملُ معقودٌ عليكم ، فحلّوا العُقد بما ملكتُم من الولاية ، و ستنوئوا بها حتماً لكن لا تهِنوا ، فقد آن لتلك القلوب المتعبة و أن ترتاح .
و كما قال الصّنوبريّ :
" مِحَنُ الفتى يُخبِرنَ عن فَضلِ الفتى ... فالنّارُ مُخبِرةٌ بفضلِ العنبر "
كان الله في عونكم ، و جزى هذا الشّعب العظيم عن صبره خير الجزاء .
حمى الله الأردنّ قيادةً و شعباً .
اللُهمّ بلّغت ، اللهُمّ فإشهد .
المستشار القانوني / علاء مصلح الكايد
Alaa.Elkayed@gmail.com