حالةٌ وطنية فارقة تلك التي عبّر فيها الاردنيون عن حرصهم الاكيد على وطنٍ ينتمون اليه و تتجسّدُ فيه آمالهم وذكرياتهم وتاريخ آبائهم و تضحيات اجيالٍ تشبثت بكل تفاصيل الوطن و كانت ثقافة الاردنيين وما زالت قصصٌ من البذل والجندية والافتداء للوطن النموذج الذي اكتملت فيه كل جماليات الفسيفساء الاردنية التي صمدت في مواجهة كل عوامل التعرية والتهشيم والتآكل .
وبعد هذه الحالة من احتفالية الوطن في ميادينه والتي كانت ابرزها حضوراً في دوار الوطن الرائع حيث تجسدت المحبة والألفة ولم يكن فيه اي مظهر للشقاق بين الوطن وعشاقه الذين رسموا صورة حلمٍ وخارطة امل وأشرعوا الى طموح مستحق وبعد هذا كله جاء الاخفاق والاحباط بتشكيل حكومة بلا هوية تمثّل املنا وطموحنا وكان ابرز معالمها ضعفٌ وقصورٌ واختلال في التمثيل والالوان وحضرت فيها شللية ومناطقية وجهوية ولم نجد لها قاعدة تتزن وتتوازن عليها وفيها من عوامل البعثرة وخلق الاحتقان والتشرذم الكثير وتنبه الى عناصر التفرقة والتشتت مما يجعل حتى من يحسن الظن يذهب الى ظن السوء بأن الخلاف والاختلاف مقصودٌ لذاته .
حكومةٌ اكثر من نصفها كانوا في حكومةٍ خرج الاردنيون كلهم وهتفوا لإسقاطها وسقطت والجزء الآخر من الحكومة الجديدة ادعى للخروج والهتاف بالسقوط .
اذا كانت هذه هي الصيغة التي افضت اليها عملية التشاور والمشورة التي استغرقها الرئيس ولمدة طويلة غير مسبوقة وتفاءلنا بطول فترة التأمل والمراجعة خلال ماراثون التشكيل الذي التقى فيه الرئيس بالنواب والأعيان والنقابات والأحزاب فهذا يجعلنا نفقد كل الثقة في هذه الهيئات ان كانت هي التي اشارت او نفقد كل المصداقية بعملية التشاور ان كانت لم تشر بهكذا توليفة مما يعمق هوّة الثقة الشعبية بالمؤسسة الرسمية التي ما زالت تتخبط .
ضاع املنا بأن هناك من يلتقط الاشارات ويتفهم المتغيرات اذ اننا تيقنا بأن أقصى ما يتم العمل عليه هو التبريد العبثي وليس التغيير الإيجابي وان سياسة الإجهاض هي كل ما يعرف البعض ويعمل بمقتضاها .
اي حماقة هذه التي تتلاعب بوطن يجب ان يستقر ويطمئن فيه الاردنيون !!!