لا نعرف من اقترح جزيرة سنغافورة مكاناً لقمة ترمب - كيم. سواء كان المقترح حسن النية أم لا، فإنه وفَّر الفرصة للزعيم الكوري كي يشاهد أحد أكثر بلدان العالم أمناً، من دون أن يكون مجموع عسكرها العامل والاحتياطي 9.495.000 مخلوق بشري. يفاخر كيم جون أون، بأن جيشه 1.2 مليون، القوة العسكرية الرابعة في العالم، بعد أميركا والصين والهند. يبلغ دخل الفرد في جمهورية كيم إيل سونغ وأحفاده ألف دولار في العام، والدخل القومي 40 ملياراً.
في جمهورية لي كوان يو وأحفاده، دخل الفرد 61 ألف دولار في العام، والدخل القومي 500 مليار، و90 في المائة من السكان يملكون مساكنهم، ويحق للطفل 10 سنوات دراسة مجانية. عند الاستقلال، عام 1965، كان دخل السنغافوري 500 دولار، وشيئاً من الأفيون، وأطنان النعاس.
كانت سنغافورة جزءاً من ماليزيا. ولم تستقل استقلالاً، بل طُردت طرداً. ورقة الحظ الأولى كانت المؤسس، لي كوان يو، الذي ظل في الحكم من 1959 إلى 1990. معه انتقلت من العالم الثالث إلى العالم الأول. بناها على طريقته ونموذجه.
أولا، قبل أي شيء، النزاهة والصدق. لا مكان للفساد ولا للفاسدين.
لكن من أين المال وهي جزيرة بلا موارد؟ من العقل. صحيح أنها بلا ثروات طبيعية، لكن موقعها من ماس وفضة وذهب. وجعل البحر منجمه والميناء بئره النفطي وجسر التجارة بين الشرق والغرب.
لكن ثمة شيء آخر: لن يكون هونغ كونغ أخرى. لا مراكب خفيّة ولا مهاجرون مشبوهون. والمخدرات حكمها الإعدام. ومن يرم ورقة في حديقة، فلن ينسى عقاب الوسخ. سوف تكون هذه المساحة الصغيرة إحدى أغنى بقع الأرض في العالم، وأهمها تعليماً، و360 مدرسة وجامعتان فوق 700 كلم مربع.
للأسف أن يقال إن الكوريين الشماليين يعانون من سوء التغذية، وأحياناً من المجاعة. وإن سنغافورة الاقتصاد الثامن في العالم. من أجل ماذا تريد كوريا الشمالية أن تكون القوة العسكرية الرابعة في العالم؟ كيف يمكن لفرد أن يعيش - مع عائلته - على ألف دولار في العام؟ طبّقت سنغافورة شعار «الكتاب الأخضر» الشهير «البيت لساكنه». ليس بالمصادرة ولا بالهباب. بالعمل والإنتاج والمنافسة وإطاعة القانون. كيف يستطيع الزعيم كيم أن ينام بعد رحلة سنغافورة؟
الشرق الأوسط