في ليلة القدر تسقط الاوراق وتفتح ابواب السماء وتنزل الملائكة للارض ويكون باب التوبة والرحمة والغفران متاحة لمن يريد ان يتعاهد مع الله ورسوله .
يوم اقالة الحكومة وإعلان الرئيس الملكلف بالاستجابة لمطالب المواطنين , واستجابة الملك بكتاب التكليف لكل ما يعيدنا الى مفهوم الاسرة الواحدة سلطات وشعب , وإيجاد منهج جديد لبناء مستقبلنا اساسه المواطن وقاعدته الوطن . , فنحن امام استحقاق طبيعي , رسمه المواطن البسيط ورفع بيده اليمنى علم الوطن ليقول ويصرخ ويبكي على الدوار الرابع بمضامين نادتنا جميعا لان نقلب الصفحة فالحياة لا بد وان تستمر ؟؟!!.
يسألني ابني صلاح وبجانبه ولدي حسام طالب التوجيهي عن آثار قمة الدوار الرابع و قمة مكة وآثارها على مجمل ما يجري بالاردن , فكان جوابي تغريدة الملك على تويتر , والاستعانة بالرئيس الرزاز واقواله التي ننتظر منها التطبيق , وحديث السفير السعودي وتصريحاته , وتسابق الزعماء في الغرب والشرق للتعبير عن وقوفهم مع الاردن ودعمهم للحفاظ على امن الاردن واستقراره . نعم فقد رسمت هذه المظاهر حالة التفاؤل على محياة كل مواطن اردني ولكن بحذر شديد فقد علمته الايام الصعبه , ان الكلام كلام اذا ما تم ترجمته الى واقع .
قلت لولدي , الميزة في الاردن أن الشعب واع ويعرف ماذا يريد وما هو دوره ومسؤوليته وكل المطلوب مساعدته ليشعر أولا بوجوده وبثقته بنفسه اولا وبمؤسساته والشخوص القائمين علينا , فمشكلنا بالاردن الشللية وهؤلاء الذين ولدوا وبافواههم معالق من الماس وهذا التوريث الذي اسقط هيبة الوظيفة الحكومية , وحقر معاني العطاء والتفاني والتمميز . الاردني يدرك ويعي معاني ومفاهيم وادوات التعبير السلمي واثبت انه الاكثر حرصا على انجازات الوطن وسط رفضه السياسات والقرارات العقيمة قصيرة النظر والتي لا تنفع الأ اشخاص على حساب الوطن . , فالتعبير الديمقراطي الراقي يقوم على نقد السياسات وتشريحها , وبنفس الوقت طرح الحلول والبدائل ولا تطالب بالمستحيل , فاحتجاجات الدوار الرابع هي التفسير الحقيقي لمعاناة الشعب الاردني خاصة الطبقات المتوسطة المتآكلة والطبقى الفقيرة التي لم تستطع التحمل وقد فاض بها الصبر ’ فتخطت حواجز الصمت وصرخت بضمائرها وعقولها ليس انقاذا لانفسهم بل حرصا على وطن كاد ان تقذفه الرياح جراء منهجية عقيمة وعقول لم تفكر في مواجهة التحديات الا من خلال المواطن الفقير .
قلت لولدي النهج الجديد في التعامل مع تحديات الوطن يتطلب شراكة حقيقية بين مختلف مكونات وآليات الوطن ومن لا يقوم بدوره على اكمل وجه , وجب التنحي والابتعاد عن طريق المسيرة , فقد كفانا تعطيل وإحباط , وإنكفائية وانغلاقية ؟ .
قلت لولدي : سقطت كل الاقنعة وبانت الحقيقة التي طالما أن طالبنا بها منذ عهود , السلف والخلف , الكفاءة والقدرة , التأهيل والتدريب , الانفتاح والعالمية , فقد نصر الرسول بالشباب , وما احوجنا في الاردن الى الايدي النظيفة الذين يعرفون اين تقع مناطق الاردن وكيف يعيش اهلها , نريد من ياتي من رحم المعاناة حتى يفكر بها ويسعى لمعالجتها , لا نحتاج لمن يسقط من بروج عاجية , نريد من يجتهد ويستغل الطاقات بعدالة ونزاهة بعيدا عن الشللية والمحسوبية بل من يستنهظ الطاقات والهمم وينطلق بمؤسسته نحو الانجاز والابداع والتميز بغض النظر عن كونه وزيرا أو ابن وزير فلاحا أو ابن حراث .
قلت لولدي : اليوم نحن على مفترق طرق وتجربة هي الاخطر لأنها المحك . فإما التغير والإنطلاق انشاء الله , وإما الانكسار والتراجع لا سمح الله ! غير أن مؤشرات التفاؤل متاحة والمناخ الاقليمي والدولي يساهم في تعزيز هذا التفاؤل , فهذه قمة مكة برهنت على أن الاردن ليس وحده أنه في افئدة وعقول الاشقاء العرب , وأنه لم ولن يترك وحيدا وسط هذه الظروف الصعبة وان مناحي الدعم جاءت لتتماشى مع توجهنا الجديد في أن نشمر عن سواعدنا بعد ان وفرت لنا الضمانات الخليجية والدولية ما يمكننا من الإنطلاق .
قلت لولدي : لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , فهل لدينا الاستعداد لان نبدع ونجتهد في كل ما نقوله او نعمل به ونكون متصالحين مع انفسنا ومع وطننا , وهل لدينا الجرأة لان نقول للصواب نعم وللخطأ لا , فالساكت عن الحق شيطان أخرس .
قمة الخليج وفرت لنا دعما معنويا اكبر من الدعم المادي , وتركت بصمات قويه في موقف الاردن وحرص العرب والمجتمع الدولي على أمن واستقرار الوطن , وايجاد مجال كهربائي يمنع من يحاول التسلل للعب في الساحة الاردنية , فالشعب والدعم الخارجي وفر غطاء كبيرا مهد للأردن الانطلاق للتخلص من التحديات وبناء اقتصاد دولة قادر على ان يتلاءم مع توجهاته السياسية المعتدلة والوسطية والعالمية .
يا ولداي الوطن كالجنة نسعى لانيكون محل اهتمامنا وجهدنا وسلوكنا . فادعو الله في هذه الليالي المبارك ان يحفظ الوطن وشعبه وقيادته .