الفتوى التي اصدرها المرشد العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية و التي ردّ عليها بالإيجاب شيخ الأزهر، و لم تأخذ حظها من النقاش و التعليق، جديدة في الطرح، كانت قد صدرت فتاوى مماثلة من علماء من الشيعة لكنهم ليسوا بموقع المرشد العام، خلاصة الفتوى لمن يقرأها (تحريم سب الصحابة وامهات المؤمنين)، و هو الامر البديهي بالنسبة لنا، و لكنها كانت عقيدة يتدين بها من يمارسها و يعتقد انها السبيل الى دخول الجنة، فالناس العاديون و العلماء و المراجع تُمارس نفس السياق في عملية القدح و الذم و الشتم و السب بأقذع الألفاظ لأبي بكر و عمر، و كثير من الصحابة الكرام، اما أم المؤمنين عائشة، فبالرغم من ان هناك قرآناً يتلى الا انها لم تسلم من الأذى على مر الزمان.
تأتي هذه الفتوى لتضع الشيعة امام موقف لا بد من متابعته فلم اسمع تصريحات من علماء الشيعة في العراق و لبنان او على مستوى العالم الاسلامي تأييداً لهذه الفتوى.
هذه الفتوى تحتاج الى مراجعات في امهات الكتب الشيعية و في المناهج الدراسية على مستوى المدارس و الجامعات و الحلقات العلمية و ذلك ان أردنا تخليص الفكر مما علق به و مما سيعلق به مستقبلاً و تحتاج الى تجاوب من علماء السنة، و الى عقد مؤتمرات تؤكد ذلك إذ ان مؤتمرات التقريب بين المذاهب التي عقدت سابقاً لم تؤد الى المطلوب وبقيت كحوار الأديان افكارا بين المتحاورين، الصحابة بشر ، والرسول صلى االله عليه وسلم يقول في نص القرآن (سبحان االله هل كنت الا بشرا رسولاً) وهو معصوم في أمور الوحي والعقيدة ، ولكنه بشر في أمور السياسة والحكم والحرب والقضاء.
إهالة التراب على الخلاف القديم حول الأحقية في الخلافة والبدء بمرحلة جديدة، نطرح فيها العيش المشترك مع المخالف في الدين، كجزء من ضرورات الحياة، وكما عاشه الرسول صلى االله عليه وسلم في المدينة، مع اليهود بحسب الوثيقة قبل ان ينقضوا العهد ويتأمروا عليه أقول إذا كان هذا مطلوب مع المخالف في العقيدة فما بالنا نتقاتل مع المخالف في المذهب، ونحن نؤمن بالقرآن واحد ونبي واحد وقبلة واحدة، فالمؤتلف اكثر من المختلف، لقد كان أدب الاختلاف بين الصحابة هو عنوان الحوار، وكانت المصاهرة بينهم قائمة، لا نريد أن نمتطي الدين لنحقق أغراضا سياسية فإذا اصطدم الدين مع السياسة، اما طوعناه وإما تركناه و حاربناه، المتاجرة بالدين من أصعب الأمور، هو دين االله الذي لا يقبل التجارة والمساومة، فلنقترب من بعضنا أكثر، و نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.
لم أزر إيران، و ليس لي علاقة مع علمائها او حوزاتها ولكنني كمسلم أرحب بهذه الفتوى التي تزيح الغبار المتراكم على قضية كانت من المسلمات، و اعتبر فيها جرأة و تقدم، لا بد من استثمارها في مجال التقريب بين المذاهب، و لندع السياسة جانباً فلكل مساره و له محدداته و ظروفه و تحدياته و ارتباطاته.
الرأي