الليبرالية الأردنية بعض الأتهامات
فارس الحباشنة
14-06-2018 02:15 AM
بالمناسبة أختلف مع الزميلة عمون ، في تقرير نشرته اليوم الاربعاء ومعنون ب"هل ينجح الليبراليون "؟ الليبرالية في الاردن توصيف أصطلاحي مشتبه بها. هناك جماعة أرتدت ثياب عوراء لليبرالية ، ومنهم مروان المعشر وزير الاعلام في حكومة عبدالكريم الكباريتي ، وهو صاحب مشورة أدخال دبابات الجيش الى الكرك ومعان أبان ثورة الخبز في الجنوب لقمع المتظاهرين والمحتجين .
و أنضم الى شلة المعشر مجموعة من قدماء اليساريين والقوميين على شتى مشاربها ، وموظفي السفارات الأجنبية . تحولوا الى ليبرالين فجأة دون سابق أنذار أو وغزة ذهنية وفكرية . وفي لحظتها قلنا الحمد لله أنهم لم يتحولوا الى اخوانجية وسلفية وداعشية .
و ألا لشوفونا موسى المعايطة من منظري السلفية الجهادية وقياديا بارزا في صفوفها ، وجميل النمري داعية على كتالوغ عمرو خالد ، ومقدم برامج على قنوات على قناة أقرأ أو أم بي سي 2 , و يروج لدعايات ماجي و مشروبات الطاقة .
ما يسمون ليبراليبن أكثر من برعوا به هجاء نظام بشار الأسد ومن قبله هجومهم الأسود على صدام حسين ، ومن زوروا ضمائرهم بالترويج للاحتلال الامريكي للعراق ، و بشروا وهللوا و زغردوا لاحتلالات أمريكية لدول جديدة في المنطقة .
و اكثر ما أتقنوا في فهم الحرية الانتصار للفرد رجل أعمال وكبير القوم و متنفذ و عالي المقام و المحال ، ودعوا دون لابطة للتطبيع مع أسرائيل ، ولو كان الأمر بيدهم لجلبوا بريمر ليحكم كل دول الشرق الاوسط ، و باركوا للأمريكان باحتلال سوريا ، واقاموا حكما جديدا لبريمر هناك .
و أكثر ما أبدعوا به شتم روسيا و أيران وحزب الله ، و لعن كل فرق المقاومةوالممانعة العربية ضد الكيان الصيهونيو الاحتلال الامريكي في المنطقة . و عندما تسمع تصريحاتهم وتحليلاتهم تظن أنهم ناطقون سريون باسم الجماعات التكفيرية .
و الحرية والديمقراطية في خيالهم على أتساع حلم دبي ، نموذج لليبرالية العربية الاستهلاكية والسوقية ، ليبرالية ناطحات السحاب وعروض الازياء و مطاعم الكنتاكي والماكودلزنز ، و فتاوي ضاحي خلفان ، ليبرالية على مقاسات مشاريع دول النفط الخليجي .
و تكتشف لا أشد عداءا للحرية والديمقراطية والاختلاف والتنوع من الليبرالين و تحديدا من قدماء اليساريين والقوميين . ولربما أن الماسؤي بالمشهد الاردني أن الليبرالين الاردنيين القادمون من اليسار اغلبهم أبناء عشائر و من الأطراف ، وكم يكليون كرها وحقدا غضين الى قراهم وبلداتهم القديمة ومولد رؤوسهم ، والى ماضيهم .
يتعاملون باشمئزاز و قرف و يهربون من الماضي بأحماله الثقيلة ، وما حملوا اليوم من يساريتهم المريضة والسطحية بالانجذاب نحو برجوازية المدن الساحرة والخفية و الملتهمة للأصول و المنجذبة نحو عوالم سحرية وسرية .
"الليبرالية كلاشية" لا أقل ولا أكثر يردد على الألسن ، وهو منفصل عن التاريخ و الواقع ، ودون سياق وطني و لا حواضن وحوامل أجتماعية و سياسية لما يسمون ليبراليين . " فقيعة صابون " سالت في السياسة الاردنية بأرادة من سفارة العم السام .
الأصلاح السياسي ، والبحث عن عقد اجتماعي جديد يبدأ من العدالة الاجتماعية و مراجعة النهج الاقتصادي الكارثي الذي أوصل البلاد الى الهاوية و الأفلاس و شبه الأنهيار . ولا عقد أجتماعي جديد دون محاسبة الفاسدين و الحرامية الكبار ودون تنمية المحافظات ومراجعة عدالة التنمية و توزيعها على مدن الأطراف ، وهما قضيتان مركزيتان ورئيستان لا تنازل عنهما .
والحراك الاردني الذي أشتعل ، وقوده دماء أردنيين عاطلين عن العمل ، وأردنيون بلا أمل و لا رغبة بالحياة ، أردنيون بلا كرامة ، أردنيون معطلون عن العمل فقراء سدت في وجوهم فرص العمل والتأهيل والعمل المجزي و الملائم ، أصبحوا مهمشين في أطراف أكثر ما يغمرها لعنة الاقصاء و الظلم و الأفقار وغياب العدل .
هي أزمة الأردن وعناونيها الرئيسية دون أن ننحت في أصطلاحات وتوصيفات ليبرالي وما بعد ليبرالي وغيرها . أخر ما يهم أبناء المحافظات أن يأتي وزير فلان أو علان . و أخر ما يهمهم أن يشارك الاخوان المسلمين بالحكومة أو يقاطعوا ، و أخر ما يهمهم قانون الانتخاب و الاحزاب السياسية التي تشتري سنويا ببضعة دراهم تقدمها الحكومة من صرر " التمويل الاجنبي" .
الأردن ، نعم يحتاج الى عقد أجتماعي جديد ، ويقوم على محاكمة للمرحلة السابقة ، ويقوم على محاكمة لنخبة وشريحة استحكمت بسيطرتها مطبقة على السلطة ومفاصلها ، وربت أموالا لا تحرقها نيران و لا تلاحقها أبصار . مراجعة نهج بالحكم وأدارة الدولة و النهج الاقتصادي ، واعادة توزيع الثورة عير أنظمة ضريبية تصاعدية وسياسات اجتماعية تحقق العدالة الاجتماعية ، وخطط لتنمية المحافظات في سياق ومنظور اجتماعي ديمقراطي .
القلق على الأردن مضاعف ويتزايد ، قلق على الحرية و التعددية و الاختلاف والهوية الاردنية . الاعتراف بليبرالية أردنية أظن أنه من الأسئلة الصعبة و المعقدة ،و الاعتراف بليبرالين أردنين ، أولا من الواجب أن يجري البحث عن مرجعياتهم و أصول تفكيرهم وعقائدهم وسيرهم ومواقفهم وأرائهم ، و رصد كم يكابدون من تأمر وحيل على الحرية والديمقراطية والقيم الوطنية .
و لنبحث في أرشيف الخراب الوطني و الأنساني في دول افريقيا وجمهوريات الموز عن وصف ونعت أصطلاحي يليق بليبرالي الاردن ، وما يشابه في مطابقة حالهم من جماعات ولدت في بلدان خربانة و منهارة ودمرة وعديمة السيادة .