مجلس نوّاب بولاية دستوريّة زمنيّة ست سنوات
سيف زياد الجنيدي
13-06-2018 02:18 PM
منذ أن صدرت الإرادة الملكيّة السامية بقبول إستقالة حكومة الدكتور هاني الملقي وتكليفها بتسيير أعمال الدولة وتكليف الدكتور عمر الرّزاز بتشكيل الحكومة، برزت عبر وسائل التّواصل الإجتماعيّ وفي أروقة المجالس العامّة عدّة تساؤلات تنصب على طبيعة القواعد التكوينيّة والنّاظمة لعمل السّلطة التنفيذيّة وعلاقتها بالبرلمان.
ومن أبرز هذه التّساؤلات؛ أيّ الجهتين أعلاه تتمتّع بالصّلاحيات الدستوريّة الحكوميّة، الحكومة المُقالة والمُسيّرة للأعمال أم رئيس الحكومة المُكلّف؟ وهل يتسطيع رئيس الحكومة المُكلّف سحب مشروع القانون المعدّل لقانون ضريبة الدّخل غير المشروع شعبيّاً؟ ومدى جواز حل مجلس النّواب؟
فيما يتعلّق بالتّساؤلين الأول والثاني، فنوجز القول من خلال مراجعة النّصوص الدستوريّة ذات الصّلة بأنّ الشّروط الدستوريّة لمُمارسة الإختصاص الوزرايّ –سواءً لرئيس الحكومة أو الوزراء- تتمثل بصدور الإرادة الملكيّة بالتّعيين وأداء القسم الدستوريّ أمام جلالة الملك، وبالتّالي فإنّ الرئيس المكلّف لا يتمتّع بأيّة صلاحياتٍ دستوريّةٍ حكوميّة لعدم توفّر الشّرطين أعلاه، وبالتّالي فإنّ أيّ قرارٍ يتّخذ من جانبه يُعتبر قراراً إداريّاً مُنعدماً، ولا يتمتّع دستوريّاً سوى بصلاحية التّنسيب إلى جلالة الملك بتعيين الوزراء.
أمّا الصّلاحيات الدستوريّة لرئيس الحكومة المُستقيل أو المُقال ولوزرائه، فانطلاقاً من صدور الإرادة الملكيّة بتكليفهم بتصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة فيتمتّعون بالصّلاحيات الدستوريّة للحكومة كما لو أنّها لم تستقيل أو تُقال، شريطة تعليق هذا الأمر على مدّة زمنيّة مُحدّدة لا تتجاوز الشّهر وإلّا ألزمت الحكومة هذه على الرّغم من اعتبارها حكومة تصريف أعمال على تقديم بيانٍ وزاريّ إلى مجلس النّواب إحتراماً لروح الدستور والنّهج البرلمانيّ وإعمالاً لمنطوق وفلسفة المادة (53) من الدستور، علاوةً على خضوع أعمالها كافةً للرقابتين السياسيّة والقضائيّة.
أمّا التساؤل الأبرز الذي أغفل حتى من أصحاب الشّأن السياسيّ، فيتمثّل بالمدّة الدستوريّة لولاية رئيس الحكومة المُكلّف ووزرائه، ومدى ملاءمة هذه المدة مع إمكانية وضع وتنفيذ برنامج إقتصاديّ تنمويّ إصلاحيّ شموليّ كما هو مأمول شعبيّاً؟
إنّ الإجابة على هذا التّساؤل تدفعنا لقراءة مُتأنية للمادتين (68/1،74/1) من الدستور، والتي جاء بالأولى الآت :(مدّة مجلس النّواب أربع سنوات شمسيّة تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسميّة وللملك أن يُمدّد مدّة المجلس بإرادة ملكيّة إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على سنتين)، والمادة الأخرى التي جاءت بموجب التّعديل الدستوريّ لسنة 2011م وتنص على أنّه :(إذا حلّ مجلس النّواب لسببٍ ما، فلا يجوز حلّ المجلس الجديد للسّبب نفسه).
من خلال ما سبق، نجد بأنّه قد أعلن عن النّتائج النهائيّة لمجلس النّواب الثامن ونُشرت في الجريدة الرسميّة في شهر تشرين الثاني من عام 2016م، ممّا يعني بأنّ المجلس النيابيّ تنتهي ولايته الدستوريّة الطبيعيّة زمنيّاً بحدٍ أقصى في شهر حزيران من عام 2019م، وعليه فإنّ الحكومة أصبحت مرتبطة الوجود مع مجلس النّواب من حيث الصّلاحية الزمنيّة نظراً لوجوب إستقالتها في حال التّنسيب بحل البرلمان وحرمان رئيس الحكومة من تشكيل الحكومة التي تليها، ولا يُمكن للحكومة بهذه الحالة أن تستمر إلى ما بعد شهر حزيران من عام 2019م ما لم يرتأي جلالة الملك إستخدام صلاحية التّمديد لمدة سنة أو سنتين أخريين للمجلس النيابيّ.
نستنتج ممّا سبق بأنّ نجاح الحكومة في تخطي الصّعاب وإقرار منهج عملٍ قويمٍ، وقبولها شعبيّاً كما هو مأمول ويلوح بالأفق من المُمكن أن يجعلنا كأردنيّين نشهد مجلس نواب لمدة ست سنوات كحدٍ أقصى.
*باحث قانونيّ، وطالب في المعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم الساسيّة والإداريّة والإقتصاديّة في الجامعة اللبنانيّة.