عندما يقال ان الفلسطينيين الذين تشبثوا بجمرة هويتهم في المناطق المحتلة عام 1948 يتضامنون مع اخوتهم في غزة والضفة الغربية والشتات، فذلك خطأ يصل حد الخطيئة التاريخية والاخلاقية بمعزل عن النوايا، ممن يتضامن مع قضية عادلة هو من شعب آخر ومن قومية اخرى، اما التوأم والشريك فهو في الخندق ذاته ويتقاسم مع توأمه الرغيف والجرح في السراء والضراء.
ان مفهوم التضامن يعزل شريحة من شعب عن الشرائح الاخرى ويتوقف عند حدود التعاطف او الانحياز الاخلاقي، والحقيقة ان مفهوم التضامن لا يليق ايضا بأي عربي، لأنه ليس مجرد حليف، بل هو طرف اصيل في صراع وجودي، وبقدر ما يستهدف الاعداء التاريخيين للفلسطينيين في القدس والخليل ونابلس وحيفا يستهدفونه عندما تتاح الفرصة في بغداد وبيروت والقاهرة وسائر العواصم، لهذا امتزج الدم الفلسطيني مع دماء العرب في الكرامة وحمامات تونس وبيروت وسهل البقاع، لأن يد الاحتلال اذا استطالت لا تفرق بين عربي وآخر، الا اذا تصور البعض انهم حصلوا على بوليصة تأمين لم يحصل عليها الثور الابيض يوم أُكلت الثيران كلها!
وخطورة المصطلحات انها حين تستخدم خارج سياقاتها تورطنا بمفاهيم قد تكون دلالاتها مضادة للنوايا، وقد حدث هذا مرارا واربك الناس؛ لأن المقصود التلاعب بالمصطلحات خلط الحابل بالنابل، وتمرير مواقف من خلال اللغة، خصوصا اذا كانت مثل لغتنا العربية امبراطورية من المترادفات والمجازات.
ان العربي لا يتضامن مع العربي بل يقتسم معه كل شيء، والالحاح على مفهوم التضامن حق يراد به باطل؛ لأن الهدف هو العزل واقامة مسافات وهمية فاصلة بين اصابع اليد الواحدة!!
الدستور