هيكلة الديوان الملكي لقيادة مشروع الملك النهضوي
أ.د. محمد الفرجات
12-06-2018 04:15 AM
ما أن أشرت إلى أنني سأكتب في هيكلة الديوان الملكي، حتى وجاءني رتلا لا بأس به من بعض الأصدقاء كمن يحذر بأن أبتعد عن الكتابة فيه "لأنه حساس" على حد تعبيرهم.
الديوان الملكي مجموعة من الدوائر تؤدي وظائف مختلفة، أعرف منها مكتب جلالة الملك والذي يتبع له الدائرة السياسية والدائرة الإعلامية ودائرة التنمية المحلية والدائرة الإقتصادية، إضافة لمكتب رئيس الديوان الملكي وأمين عام الديوان، والدائرة المالية، وللأمانة هذا ما أعرفه فقط في الديوان العامر من دوائر.
يؤدي الديوان -على ما أعرف- وظائف مختلفة، منها ما يتعلق بالتشريفات الملكية، ومنها ما يتعلق بالإعفاءات الصحية، والمنح الدراسية، ومبادرات السكن الكريم وغيرها من المبادرات الملكية، ومتابعة شؤون العشائر، وإدارة مكاتب أصحاب السمو الملكي الأمراء، إضافة لمكتب سمو ولي العهد ومكتب جلالة الملكة.
كما ويدير الديوان الزيارات الرسمية لجلالة الملك، وضيوف جلالته من قادة الدول، إضافة إلى أن الديوان العامر بوابة الملك مع السلطات المختلفة ومع الشعب، وينظم إتصالات ومخاطبات جلالته.
هذا خلاصة سريعة لما أعرفه عن الهيكل التنظيمي والوظائفي للديوان، ولا شك بأن هنالك الكثير مما لم أذكره من الوظائف ومن يقوم بها على الهيكل.
اليوم يعلن جلالة الملك في كتاب التكليف السامي لحكومة الرزاز عن مشروع وطني نهضوي شامل بعد مخاض شعبي شبابي نحو التغيير الإيجابي تتطلبه المرحله، وحياه جلالته وأعلن فخره به.
مشروع جاء كمطلب رئيسي في التكليف ليعمل الجميع على نجاحه؛ شعب وحكومة، ويقوده الملك ويوجه دفته، ويقيم مراحله، ويقوم أي إنحراف فيه عن المسار.
مشروع يجمع الوطن مدنه وقراه وبواديه وأريافه ومخيماته، من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، يقوم عليه الكبار والصغار، تراه وملامحه ومراحل تقدمه على الأخبار، فنجلس جميعا بلهفة في كل يوم أمام التلفزيون الرسمي لمتابعة تقدم سير العمل به.
مشروع إقتصادي بإطار وطني سياسي، يفضي إلى وطن ينعم فيه الجميع بالرفاه والرخاء، بالخدمات التعليمية والصحية بجودة عالية، يقدم فرصة عمل للجميع، لا يجوع ولا يضام فيه أحد.
مشروع يسجله التاريخ عن أجيالنا كما نقرأ اليوم عن مملكة الأنباط، وكما نفخر بأننا أحفادهم.
مشروع تجد الطفل والعجوز على حد سواء يدافع عن بناه ويدفع العابثين عنه، كما وبختنا العجوز الألمانية مارغريتا عندما كنا مجموعة من الطلبة العرب نعبث بكرسي محطة إنتظار الباص قائلة: لا تعبثوا بما حققناه من سنين من العمل الجاد والمضني لنفخر به اليوم.
مشروع ينقذنا إقتصاديا كما أنقذ اليابان وألمانيا بعد دمار الحرب العالمية الثانية.
مشروع نفخر فيه بصناعاتنا الوطنية، ولا نقبل إلا عليها، مدعمة ببحث علمي من جامعاتنا، فنهيم فرحا لإختراع أو تحسين في منتج أو خط إنتاج، وسيارة وآلة تصنع في بلادنا.
مشروع في كل مرحلة تقدم فيه الخير والتقدم لشعبك يا جلالة الملك.
مشروع يشغلنا ليلا نهارا، يشمل نهضة بمدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا، مصانعنا ومشاغلنا وشركاتنا.
مشروع يوفر المسكن للجميع، يشعر الجميع بأننا في وطن آمن لا يظلم فيه أحد.
مشروع يتحول فيه الأردن لنمر إقتصادي، ويقضي على الفقر والبطالة، ويسد العجز والمديونية، لأنه لا ينقصنا لا مياه ولا طاقة متجددة ولا أيدي عاملة ولا عقول ولا مواد خام، وغير ذلك من حجج باطل ومقولة الضعفاء.
مشروع يكبح جماع الذين يستقوون على الوطن بنفوذهم المالي والعشائري وبإسم السلطة والتسلط، ليشعر الجميع بخير في دولة القانون والمؤسسات.
مشروع يتابعه الملك ويوجهه ويقيمه ويقومه، ويعكس خيره على شعبه.
مشروع يكتب فيه التاريخ أن ملكا أحب شعبه فتفرغ لخدمته وقاد مشروع نهضوي تنموي، عم خيره على مملكته.
لطالما دعوت إلى هذا المشروع وخاطبت وكاتبت وقابلت الكثيرين من أجله، ومنذ مايزيد عن الخمسة أعوام، وأطلقته تحت مسمى "مشروع الشعب للانتاج" ليكون رافعة إقتصادية للوطن، وجاء عنه فكر مدينة المغتربين الذكية، والمشروع التنموي القرى السكنية، والمشروع العلمي الفكري "الكبسولة الرقمية النبطية"، وغيرها من المشاريع، والتي بمجملها تلبي حاجة المرحلة نحو التغيير الإيجابي، الذي يحقق الرفاه المنشود وحق الأجيال بوطن ينعم فيه الجميع كما هو الحال في الدول المتقدمة.
كما وأن أوراق الملك النقاشية تشكل الإطار السياسي والفكري والإقتصادي للمشروع، والذي لا بد للدولة الأردنية من تبنيه، حتى لا نخفق في أمور مفصلية، كخطة التحول الإقتصادي، والخصخصة، والنووي وغيرها.
عودا للديوان الملكي العامر، فمشروع سيد البلاد لن تستطيع الحكومات إطلاقه كما جاء في كتاب التكليف السامي، ويحتاج إلى إدخال رؤيته وخططه وبرامجه وأهدافه وتفاصيله الفنية والإدارية والقانونية والمالية، وهي كثيرة جدا ومعقدة ومترامية الأطراف، لتكون ضمن هيكلية ووظائفية جسد مؤسسي كبير كالديوان الملكي العامر، إضافة لعملهم، ودون تعيينات جديدة حتى لا يحسب علينا بأننا ننادي لغير ذلك.
المشروع ليس مشروع سنة أو عشرة سنوات، بل ما يتعدى ذلك لعقود طويلة، ومخرجاته كبيرة جدا، وعوائده تنقل الوطن إلى نمر إقتصادي، بلد منتج، يعتمد على ذاته، يوظف أبناءه وكفاءاته، يستغل موارده بحكمة، ويكون واحة الأمن والرخاء للجميع.
المشروع يحتاج لإستشراف المستقبل كذلك، وبناء نماذج تشخص حالتنا وأين نحن، وماذا نريد، وكيف نحقق ذلك.
والله أنه ليغمرني الفرح كثيرا بأنه أصبح للدولة الأردنية مشروع، ولكن بنفس الوقت أستغرب أن أحدا لم يلتقط الإشارة بعد.
إعتقد البعض بأن مقالي سيكون هجوميا وراكبا للموجة التي رفعت سقف الحريات، فأقول: لا وليس هذا من طبعي، فلقد كنت وما زلت وسطيا معتدلا متزنا داعيا إلى ما يحقق خير البلاد، مقتنعا كوني أستاذا في جامعة أغلى الرجال، ولا أصبو لغير ذلك.