الاردن بحاجة الى ابتكارات جذرية (10X) وتغيير قواعد اللعبة
صالح سليم الحموري
11-06-2018 04:19 AM
نحن نعيش في عصر من التغيير الذي يحبس الأنفاس. إننا نعيش في حالة تضع ضغطاً كبيراً على الحكومات وعلى المؤسسات التي لا تتقبل التغيير، نعيش في مجتمع المعلومات التي يصل إليها الناس بسرعة تكاد تعادل سرعة وصول قادتهم، فالحكومات بحاجة الى مؤسسات شديدة المرونة ورشيقة وقابلة للتكيف وتستشرف المستقبل بخدماتها، فتقدم خيارات وخدمات تفوق التوقع، وغير موحدة المقاييس، بل تلبي رغبات المتعاملين حسب فئاتهم وتأتيهم بكل ما هو جديد وحديث ويلبي رغباتهم، وتقودهم الى خدماتها بالإقناع والحوافز بدلاً من الأوامر، وتعطيهم إحساساً بالمعنى والسيطرة بل الملكية. وهي بيئة عمل تتطلب مؤسسات تمكن المواطنين والمتعاملين وتعمل على اسعادهم، بدلاً من أن تخدمهم فقط.
لذلك أصبح من واجب القطاع العام تغيير قواعد اللعبة حيث انه أصبح هناك الكثير من الامكانيات والتوجهات الحديثة والتي من الممكن ان تساعد القطاع العام في النهوض بمسؤوليات جديدة وان ينسحب من مجموعة كبيرة من الاعمال التي كان منغمس بها سابقاً وخصوصاً في موضوع التنفيذ والرقابة، حيث ان هناك العديد من الخصائص والمميزات التي تؤهل كل قطاع من القطاعات للعب دوره بتفوق واضح على القطاعين الأخرين والقطاعات الثلاث هي: القطاع العام والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وهو مزيج من القطاع العام والخاص.
وفي تقارير القمة الحكومية التي عقدت في دبي 2016 او 2017 تم توجه المؤسسات الحكومية على ان تلعب دوراً في تشكيل المستقبل الرقمي لبلدانها، وينبغي وجود رؤية واضحة عن طريق استشراف المستقبل للتعرف على الاحتياجات الرقمية الحالية والمستقبلية للمجتمع، بحيث تتمكن من تحقيق التحًول الرقمي بنجاح عن طريق ابتكار مجموعة من الخدمات الرقمية التي تسهل المعاملات الحكومية، وفي حين أن الاقتصاد الرقمي بدأ بالازدهار، فأصبح يتعين على الحكومات ايجاد بيئة منُاسبة تساعد في نمو العمل ومن الممكن ان يلعب الابتكار الجذري المعتمد على التقدم التكنولوجيا الرقمية في توفير خدمات أكثر كفاءة وتحسين تجربة المتعاملين.
ويتجسد الهدف الأساسي للابتكار الجذري في العثور على طرق جديدة للتأثير على حياة السكان، وتفعيل منهجيات جديدة تفعُل دورهم كشركاء في رسم معالم المستقبل. وهي تشتمل على تجاوز الهياكل والنماذج التقليدية للتفكير، وتبني تقنيات وأفكار جديدة وتتصف إمكانيات الابتكار في المجال الحكومي بأنها هائلةـ إلا أن التحديات التي تواجهها الحكومة تعتبر كبيرة هي الأخرى، وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومات تقوم بتحويل الطريقة التي تعمل من خلالها من أجل ضمان الاستفادة من هذه الإمكانيات. ويجب على المؤسسات اعتبار الابتكار الجذري ممارسة دائمة التطور، وإن التعرف على مساره هو امر مهم للحكومات لفهم الاثار المتربة عليها في المستقبل.
ونتيجة الكثير من الابتكارات ومنها الجذرية التي يقوم بها القطاع الخاص أصبحت الشعوب حول العالم تطُالب حكوماتها أن تزيد من خدماتها وان تكون سريعة وذات جودة عالية، لذلك توجب على الحكومات المضي قدماً في الابتكار في الخدمات التي تقدمها لكي تواكب وتيرة التغيير المتسارع مما سيؤدي الى زيادة النمو الاقتصادي وجذب الصناعات والمستثمرين ودفع عجلة النمو الاقتصادي، ولقد حدد تقرير صادر عن القمة العالمية للحكومات والتي عقدت في دبي عام 2017 خمسة أسباب رئيسية تقف وراء حاجة الحكومات للابتكار: وهي إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والعالم يزداد اتصالاً يوماً بعد يوم. وتطلعات المواطنين الذين يطالبون بزيادة مستوى المساءلة ويرغبون في المشاركة في صنع القرارات الحكومية والعامة والمنافسة العالمية على المواهب وهجرة الكفاءات والقيود المالية المتزايدة التي تضغط على الحكومات للحد من إنفاقها وزيادة ضرائبها وتغيير أساليبها وضعف النمو الاقتصادي وزيادة تركز السكان في المدن مما يضيق الخناق على البنية التحتية للدولة، كلها عوامل تجبر الحكومات على إعادة النظر في نماذج الادارة التقليدية.
اذن الابتكار الجذري بحاجة الى تفكير استقرائي وليس تفكير عادي؛ وهذا النوع من التفكير يسمح للأفكار أن تسير في اتجاهات مختلفة "، حينها ينطلق العقل ليكوِّن روابط جديدة، ويجازف، ويبتكر، ويتخيل. ويمكن أن تكون المحصلة النهائية منطقية، لكنها أقرب إلى منطق غير متوقع. ودائمًا يكون هناك أبعد مما تراه العين عند استخدام التفكير الاستقرائي. فالعين في حقيقتها مثلها مثل العقل، تخدع باستمرار، وتُبَسِّط العالم أمامنا بشكل لا بأس به حينًا، فيكفي خداع فنحن بالأردن نستحق دخول المستقبل والتسلح بجميع ادواته عن طريق اتباع منهج (10X) و أكس تعني التفكير الغير تقليدي و10 تعني ان نفكر باستحضار ما سيطبق بعد 10 سنوات ليتم العمل والاستعداد له من الان للحاق بالركب وتشكيل المستقبل الذي نبتغيه.