أظن أن لدي حساً ثاقباً جدا, ولدي قلب مثقوب بحسب وصف الشاعر العراقي (يوسف الصايغ) , وأنا لم أنظر من ثقوب الأبواب يوما بل نظرت من ثقب قلبي للدنيا والبنات ...
على الدوار الرابع وفي اليوم الثالث , للإحتجاجات , جاءت بنت مثل نيسان تماما , حين يغافل وردات الصباح ..ويبللها عشقا بالندى ,إسمها (لولو) ..هكذا نادتها رفيقتها , وكانت ترتدي منديلا أحمر ..وتضع الكحل في عينيها , هو لم يكن كحلا كان ليلا غطى سماء العراق , ووميض العيون كان أشبه بانعكاس فسيل النخل على ماء دجلة ...
وقفت (لولو) ..وصرخت وصدحت , واحتجت وصورت الناس بهاتفها , وأنا كنت أرقب وجهها ...وصوتها , وتفاصيل الحاجب وانفعالات سرت في الجسد , تماما مثل فيضان النهر ..حين يجرف كل شيء أمامه , ولولو جرفت قلوبنا أمام فيضان العشق .
أتدرون ما هو سر القلب الأردني ؟ ..نحن الوحيدون في العالم العربي وفي خضم هذا الحدث , الذين لم نسجل حالة تحرش لفظي أو جسدي ...نحن الوحيدون في العالم العربي الذين حموا البنات , وفتحوا لهن المسارب ..وحملوا سياراتهن على زنودهم حين سدت الطرق ...رأيت المشهد أمامي , فلقد أغلقت الطريق في وجه بنت , وكان من مجموعة من الشباب أن حملوا سيارتها وأداروها للشارع المقابل كي تعبر ...
في حين أن العالم العربي في كل ثوراته , كانت التقارير الصحفية التي تصدر من شوارعه ..تتحدث عن حالات غريبة عجيبة وعن نساء ...يتعرضن للتحرش وعن عنف لفظي وجسدي .
من يحمي البنات , قادر على حماية وطن كامل ومن يخدش قلب أنثى يجيد الخيانة تماما ...
الذين وقفوا على الدوار الرابع , حموا عيون البنات قبل أن يحموا خبزهم , لهذا انتصرت احتجاجاتهم ...وغيروا , وأقاموا للشارع نبضا وإيقاعا وطقسا .
هؤلاء كانوا رجالا وعشاقا وسادة ...وتلك ميزة الأردني أنه يجيد العشق قبل أن يجيد الغضب ...
شكرا لكم جميعا , شكرا للعشق القابع في تفاصيل القلب ..شكرا للزنود التي حمت , إرثنا وقيمنا وفروسيتنا ...فنحن الوحيدون في العالم الذين نملك وزارة للعشق الوطني , وهي الوزارة الوحيدة التي لايوجد فيها فساد ..ولا يوجد لها مبنى ولا وزير ...بل أقمناها في القلب .
الرأي