عمر الرزاز والفرصة الوطنية ..
فارس الحباشنة
10-06-2018 02:40 PM
انتهت الاحتجاجات الشعبية في أرجاء المملكة، وأنا شخصيا، وكما هم كثيرون في الأردن، يشعرون بان ثمة انجازا وطنيا قد تم تحقيقه، ولنقل انتصارا بتكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة، ولأن البلد ترقص على فوهة أزمة اقتصادية ومعيشية فقد وجب القول.
لم يبق من توصيفات ما حصل عند اختيار عمر الرزاز رئيسا للحكومة،الا حقيقة واحدة، وهي أن الأردنيين بحراكهم الوطني الواعي والمسؤول والراشد نجحوا في تحقيق خطوة مخالفة لمسارات راكدة خلال عقود في السياسة الاردنية، وهذا انجاز وطني يسطر في تاريخ الاردن، وفيه من الفوائض ما يسمح لكل راغب بان ينسب لنفسه حصة فيه، ومن الأقربين والأبعدين.
لربما أن الأمر لا يستجد دون مقاربة واقعية، وليس من هدفها الحد من الاندفاعة الوطنية نحو الاصلاح والتغيير في السياسة والنهج الاقتصادي، انما قد تساعد الواقعية على فهم الواقع المستجد في زمن الرزاز وما بعد الاحتجاجات الشعبية، وبشأن خطوات أوسع بمساعدة ومساندة مدنيا وشعبيا لفتح أبواب واسعة للأصلاح والتغيير.
ثمة اختبارات صعبة سيواجهها الرزاز، ولربما سيكون من أولها تشكيل الحكومة بمواصفات سياسية مطابقة لمزاج الشارع الاردني، وحزمة وسلسلة من الاختبارات الصعبة والعسيرة بالملف الاقتصادي ،وفي زحمة من الاختبارات الحكومية بالمرحلة المقبلة بما يخص ملفات سياسية عامة وادارية وخدماتية وتنموية.
وبالتأكيد أنه من مصلحة الرزاز أن يستغل الزخم الذي جاء به، ودعم الشارع له، وفي معركة اصلاح حكومي عام وشامل، ولربما يكون من الأفضل لو يتم على وجه السرعة فتح حوار وطني عاجل على قانون ضريبة الدخل المثير للجدل والغضب.
من مصلحة الرزاز، أن يجذب القوى والتيارات الشعبية الراغبة في التغيير الحقيقي، وأن يجعل منها قوة مساندة وداعمة للخيارات الاصلاحية التي يدافع عنها، ويسعى الى تحقيقها في جسد الحكومة ، ولربما أن المواجهة قد تعدو بحاجة الى متسع من الحلفاء والداعمين والمؤثرين والمؤتثرين باطروحات الاصلاح والتغيير، حتى لا تضيع الفرصة، ولا يترك المجال للحملات المضادة والمشوهين أن يفسدوا صورة عهد جديد.
المعركة والمواجهة واعادة البناء - سموها ما تشاؤون-، لا معنى لها أن لم تقضم الفاسدين والعابثين والمستهترين طولا وعرضا بالمال العام، وهي من العناوين العريضة الضرورية والالزامية والحتمية لأي اصلاح وطني ، فمن عندها تحاصر مساحات لامرئية لمتنفذين ومصاصي دماء ومستغلي السلطة، وتلاقي الاردنيين بخطوات جادة نحو تحصين الدولة وحمايتها من الفساد والحرمنة ونفوذ «طبقة البزنس «.
ومن المنطقي القول أن منطوق الشارع الاردني سيكون مرجعية أدبية وسياسية للحكومة، ولا يمكن أن تبنى علاقة سياسية سليمة مع الأردنيين إن لم يشعروا بانهم مرجعية للقرار والتواصل في صناعة القرار، وبعيدا عن قنوات ووسائط تقليدية سقطت ورقة التوت عنها ، وباتت تفقد يوميا جزءا من شرعيتها السياسية والشعبية، ولنقول أنها بعد الحراك الاخير قد وصلت الى حد « الصفر بمعنى «الافلاس السياسي والشعبي.
عمر الرزاز حتى الان يمثل خيارا وطنيا قويما وحرا للأردنيين، اتفاق شعبي مسموع وملموس على أن الرجل يحمل نهجا وادارة حكيمة وراشدة للحكومة، ولنفترض لما هو أبعد بأن حجم المواجهة مع أعداء وخصوم ومعارضي الاصلاح ستكون كبيرة وواسعة، وبالاخص من أصحاب النفوذ والمصالح والتقاطعات الاخرى.
الدستور