facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الوجه الحقيقي للإصلاح الإقتصادي

10-06-2018 12:44 PM

لعلها فرصة ثمينة؛ تلك المتاحة، الإن، للرئيس المُكلف؛ لأن يتبع المنهج الصحيح في الإصلاح الإقتصادي، وهو الشخص الذي يعلق عليه الشعب آمالا كثيرة لإعادة الأمور إلى نصابها، متكئين في أمالهم تلك، على عون الله، ثم على الإرث الذي تلقاه الرجل عن بيت اكتنزته القيم، وعمرته المبادىء.
وعند الحديث في الإصلاح عموما، وفي الإصلاح الإقتصادي على وجه الخصوص، فإنه لابد من التأكيد على أنه من البدهي، عند البحث في العلاقة بين مضمون ما، وبين العنوان المستخدم له، هو أن يكون العنوان معبرا عن المضمون، دالا عليه؛ دلالة واضحة؛ لا لبس فيها.
حسنا؛ تعالوا نناقش النهج الذي تسير عليه الحكومات الخاضعة لبرامج " التصحيح الإقتصادي" والمتمثل، من جهة، برفع يد تلك الحكومات عن دعم السلع، التي كانت تدعمها من قَبْل، ومن جهة أخرى بفرض المزيد من الضرائب والرسوم، بشكل شبه مستمر.
وهنا؛ كلنا يعلم أن تلك الحكومات قد دأبت على إدراج تلك الأعمال تحت عنوان: "الإصلاح الإقتصادي"!!!
وأمام ذلك فإن السؤال الذي يُطرح هنا؛ هو: هل يصح، لذوي الإختصاص، أن يطلقوا على تلك الأعمال وصف؛ إصلاح اقتصادي أم لا ؟!!!
للإجابة على هذا السؤال لابد من أن ننظر إلى هذا السلوك في سياقه العام؛ بعمق، وشمولية.
وهنا؛ سنجد، متى قمنا بذلك، أن ثمة عاملان، اثنان، قد تضافرا معاً؛ تضافراً عز نظيره لإنتاج هذا الواقع؛ فأما العامل الأول؛ فهو: الواقع السلبي الذي تعيشه البلدان الخاضعة لمثل تلك البرامج؛ والذي يتجلى في العديد من المظاهر؛ منها: مظهر تسمية الأمور بغير مسمياتها.
وهنا؛ لابد من التأكيد على أن من الجوانب الدالة على حال الأمة، أية أمة؛ هو مدى اتساق العناوين المستخدمة، من قِبَلها، مع المضامين الُمراد عنونتها؛ ذلك أنه كلما ازداد التطابق بينهما، كلما كانت تلك الأمة أكثر مثالية؛ وبالتالي أكثر تطوراً و رقيا؛ لتكون، بالتالي، غير معنية البتة بتلك البرامج.
أما العامل الثاني؛ فهو: المفهوم الخادع للإصلاح الإقتصادي؛ الذي تتبناه المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي؛ حيث تُلزِم تلك المؤسسات، الدول التي تعاني من مشكلات اقتصادية، بتبني رؤيتها في" هندسة" اقتصاديات تلك الدول؛ تحت مسمى: " الإصلاح الإقتصادي"!!! وذلك من خلال برامج تفرضها- هذه المؤسسات- على تلك الدول، غايتها بسط سيطرتها عليها، وإخضاعها لها؛ لجعلها أكثر دينامية في الإستجابة لمخططات الدول المهيمنة على تلك المؤسسات؛ التي على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وإن من أبسط النتائج التي تترتب عن تلك البرامج، على صعيد العلاقة بين الدولة والفرد؛ هو: تحجيم، ومن ثم تصفية، الدور الإجتماعي للدولة؛ فعلاوة عن الزام الدول الخاضعة لتلك البرامج على بيع المرافق الإنتاجية، والخدمية التي كانت تملكها- من خلال ما بات يعرف ببرامج الخصخصة؛ سيئة السمعة- فإن على الدولة، وفقا لتلك البرامج، أن ترفع يدها عن معظم أوجه الدعم التي تقدمها لمواطنيها.
ليس ذلك فحسب، بل تمتد تلك البرامج- إلى ما هو أبعد من ذلك- لتتخذ شكلاً رتيباً يتمثل في رفع نسب الضرائب، والرسوم، التي تفرضها الدولة على الأفراد، مع ضمان ألا يمس ذلك بالمشروعات الرأسمالية التي تمثل مصالح جد حيوية للدول- الغربية- القائمة على تلك المؤسسات.
ذلك هو الإصلاح كما تتبناه المؤسسات المالية الدولية، وتطبقه الحكومات الخاضعة لبرامج " التصحيح الإقتصادي"، في حين أن الإصلاح الاقتصادي الحقيقي هو: مجموعة السياسات التصحيحية، التدرّجية، التي تتبناها دولة ما لمعالجة التشوّهات والاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، ومواجهة الأزمات الخانقة- من عجز في الموازنة، وارتفاع في نسب البطالة....إلخ- عبر إحداث تغييرات جوهرية في أساليب تعبئة الموارد، وتوزيعها، وإدارة الإنفاق، ورفع كفاءة القاعدة الإنتاجية القائمة، وزيادة تمددها؛ أفقياً وعمودياً؛ بهدف زيادة القيمة المضافة للإقتصاد؛ وبالتالي زيادة دخل المُنتِج، والعامل، والدولة، في آن معاً؛ كنتيجة حتمية لذلك، الحال الذي يتحقق معه الاستقرار، ومن ثم التطور، الاقتصادي؛ لترتفع؛ تبعاً لذلك، قدرة المواطن على إشباع حاجاته، والإرتقاء بمستوى معيشته؛ لتزداد مساهمته في رفد الوعاء الضريبي؛ كنتيجة طبيعية لذلك، كل ذلك في إطار استراتيجية؛ علمية، حقيقية؛ صلبة، تستهدف تعديل بنية الاقتصاد الوطني ورفع درجة مرونته.
وعليه فإنه يبدو جلياً أن إطلاق وصف إصلاح على ما تقوم به تلك الحكومات؛ حين يقتصر عملها في تلك البرامج على رفع نسب الرسوم والضرائب، ما هو في الحقيقة إلا مفهوم خادع للإصلاح؛ الحال الذي يجعلنا نقول: إن ذلك ماهو، في حقيقة الأمر، إلا رفع للضرائب والرسوم على وسادة كلمة بريئة؛ إسمها: إصلاح.

* أستاذ القانون التجاري المساعد- جامعة الإسراء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :