وأخير تحققت إرادة الشعب برؤى وطنية هادفة ، تسعى لأن يكون هذا الوطن في المقدمة اقتصاديا وسياسيا ، وخصوصا أنه تحمل أعباء الأزمات المحيطة كلها ، وتحمل سياسات الحكومات المتعاقبة وكأنها وجدت لتنتقم من شعب حضنه الوطن بقلب حنون ودمعة سخية .
نقابية تكتب مابين جزر الموج ومده ، ومابين حزم الموقف ولينه ، ومابين صدق المعاني الوطنية الحقيقية ومحاولة تدنيسها من أصحاب المسؤولية السياسية في الوطن .
ففي ظل زوبعة الحكومة في قراراتها الجائرة بحق الشعب ، وفي ظل تمرد حكومي واضح فرض على الشعب ، وفي ظل الاستهتار بلقمة عيش الشعب واستفزاز مشاعره ، فلم يقبل الأحرار بما حدث وبما يحدث من سلخ الشعب من انتمائه الوطني بإفقاده الحس الوطني من خلال تطبيق سياسة التجويع القاتلة له وبالتالي شعوره بالإحباط بوطن الأردنيين الأحرار .
فهبت النقابات نصرة للشعب ، مدافعة عن حقوقها وحقوق الشعب ، فلم ترى في نفسها سوى القوة الحقيقية التي ستقف وقفة الكرامة لتحصيل الحقوق ، النقابات التي حشدت هيئاتها العامة واعتصمت واضربت في كل محافظات المملكة حتى تقف مع وطن عاش بكرامة ولن يمرض من العابثين به كرها والمنتشرين به فسادا .
كان موقف النقابات موقف الجبل الشامخ الذي لا يهتز لريح تعصف به ، ولا يتأثر بسقوط حجارة من سجيل ، ولا لجزر الموج الذي يلتهم ، لا تلتفت إلا لوطن احتاجها في ظل غياب مجلس النواب ، الذي لم يظهر سوى على منصات وسائل التواصل الإجتماعي ، يحاول قدر الإمكان أن يلمع نفسه ولكن الشعب كان واعيا ومدركا مالذي يحدث .
اضربت النقابات وتركت هيئاتها العامة أعمالها ، وجاء أفراد الشعب لكي يساندها في اعتصاماتها في كل محافظات المملكة فكان الدوار الرابع مركزا لاعتصامات الأحرار إلى أن تحولت الاعتصامات الى ثورة شعب لن يهدأ إلا بتحقيق المطالب التي لطالما انتظرها .
من هنا عادت النقابات لدورها الحقيقي في انتزاع حقوقها ، وهذه المرة أقوى حينما انتزعت حقوق الشعب حينما قادته واستمرت في الاعتصامات إلى أن أسقطت الحكومة ، حكومة الجباية ، حكومة السخط والإحباط ، ولم تأبه ولم تخف فاستمرت لتحقيق المطالب واعلنت الإضراب الثاني إلى أن كلفت الحكومة الجديدة ووافقت على سحب القانون ، تحققت إرادة النقابات وإرادة الشعب فانفضت الاعتصامات على الدوار الرابع وفي مجمع نقابات اربد وفي كل المحافظات حتى يعطي الشعب للحكومة مهلة للإصلاح الحقيقي الذي يعود للوطن والشعب بكل الخير فتوافقت جميع الأطراف على مد الموج كي يهدأ .
وأنا تلك النقابية التي هتفت باسم الوطن عشقا ، صرخت بدموع فرح ثورية تنادي وتناجي الوطن ، تعزف على عود العروبة موسيقى " موطني موطني " وترسم بريشة الحب لوحة يتناثر فيها عبير الورد ويظهر فيها أبناء الوطن الشرفاء يهتفون هذا الوطن هذا الوطن لأستشعر من هذه اللوحة عمق الوطن وعزة أبنائه .
ثارت تلك النقابية بمشاعر جياشة ، بمشاعر الكرامة ، ثارت بشعارات حقيقية " لا للذل " "لا للمهانة " هذا الوطن ، جلست مع الوطن في جلسة خاصة تحاكيه عن حاله ، فقالت له :
"وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه بالخلد نفسي"
فابتسم الوطن وشعر بالأمان والاستقرار وتأكد أنه حاضن الأشراف والأحرار الذين لن يتركوه ذاهبا بلا عودة ، سيضمدون جراحه ، و يغمروه بحنانهم كالطفل في رعايته ، ويحققون له السعادة الأبدية بما أنه العشق الأوحد .
قلت له :
اغفو ياوطني وانت قرير العين ، فأنت في أحضان شعب يعشق تفاصيلك كبداً ، و في أحضان شعب لك سنداً ، وفي قلب شعب بك مغرماً ، هنيئا لك شعبك .