رحيل شاعر المربعات المصري محمد خربوش
10-06-2018 12:24 PM
عمون- رحل الشاعر المصري محمد خربوش عن 72 سنة قبل أيام تاركاً خلفه أرثاً شعبياً كبيراً في فن الواو يصل إلى مئات المربعات الشعرية ذات المغزى السياسي، لكنها لم تنشر أو تقرأ في العلن بل احتفظ بها لنفسه، وعدها خبيئة فرعونية تفاجئ الجميع عند ظهورها بعد وفاته.
يُعد فن الواو من الأنماط الشعرية المنبثقة من الثقافة الشعرية الشعبية في الصعيد المصري خصوصاً وسط الإقليم الجنوبي المصري وجنوبه، ويتميز بنظم الشعر في آلية نصية عرفت بشعر المربعات. ويعتمد هذا النمط الشعري على اللغة الشعبية في البيئة النابعة منها في التعبير عما فيها بمصاحبة العزف الموسيقي باستخدام آلة الربابة المصرية أو الإيقاع.
وكان خربوش أحد الشعراء البارزين في جنوب مصر في نظم فن الواو، ولد ابن قرية الكلالسة قرب مدينة قوص الواقعة بين مدينتي الأقصر وقنا، أحد أعمدة هذا الفن وتناول من خلاله أوضاع الساسة والسياسة. وكان له كتابات سياسية لاذعة خشي من نشرها حتى لا يزج به في السجن، منها «زمن بتغدر وقلاب... حتي عبيدك سادتني... أصيد الأسوده بقلاب... ألقي كلابك صادتني»، وكان ما كتبه أخيراً قبل الرحيل «جبرتني أعلن وفاتي»، وكأنه كان يشعر بأنه في الأيام الأخيرة من حياته إذ اختتمه بكتابة المربعات، وكان يقول أيضاً «تحياتي لكل من تعلمنا منهم فن الواو وأولهم ابن عروس والنابي والقفطي والقوصي والأسمنتي وغيرهم».
لقب خربوش بـ «ابن عروس هذا الزمان» وساعده إبداعه وتفرده وأسلوبه الخاص في كتابة فن الواو في أن يتربع على عرش هذا الفن الشعري الشفوي، وعلى رغم ذلك فإنه لم يعرف الشهرة إلا متأخراً. وقد حفظ الراحل آلاف القصائد والأبيات الشعرية من كل العصور بداية من العصر الجاهلي وحتى عصر أحمد شوقي وصلاح عبدالصبور وأمل دنقل، الذي عده خربوش من أفضل شعراء الفصحى على مر العصور.
وكان يرى خربوش «أن فن الواو يستمد أهميته من كونه فناً شفوياً، يتوارثه الشعراء عن الأسلاف كنمط تعبيري ويجددون في طرائقه وأشكاله مع الحفاظ على قالبه الفني». وعن تعريف فن الواو قال: «إنه نوع من أنواع الشعر الذي يعتمد على اللغة الشعبية لتشكيل القصيدة منسجماً مع إيقاع موسيقي محدد، كما يعتمد نظام الشطرات الأربع التي تُكَوّن بيتين شعريين ولها نسق موسيقي خاص، شرط أن تتحد الشطرتان الأولى والثالثة في القافية نفسها، والشطرتان الثانية والرابعة في قافية مغايرة لسابقتيها. كما يعتمد هذا الفن على الإغراق في التعمية والغموض». (الحياة)