عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة
د.خليل ابوسليم
01-05-2009 01:59 PM
ولدت فكرة عيد العمال وانطلقت من استراليا عام 1856م عندما قرر العمال تنظيم يوم يتوقفون فيه عن العمل للمطالبة بتحديد ساعات العمل لمدة ثماني ساعات فقط، وكان هذا الاحتفال مصحوبا بالاجتماعات بقصد التسلية والترفيه عن العمال أيضا.
بعد مرور ثلاثون عاما وبالتحديد في العام 1886م قررت مجموعة من عمال أمريكا تطلق على نفسها (فرسان العمل)، القيام بإضراب عن العمل في الأول من أيار من اجل تحديد ساعات العمل بثماني ساعات في اليوم الواحد، عندها وقعت الصدامات بين الشرطة والعمال وسقط فيها العديد من العمال، ومنذ ذلك اليوم تم اعتبار الأول من أيار عيدا للعمال، ويكاد يكون اليوم الوحيد الذي يوحد سكان الكرة الأرضية من كل عرق ودين ولون للاحتفال فيه.
والعمال تلك الطبقة المسحوقة التي ثارت للمطالبة بحقوقها ضد الرأسمالية الغاصبة إنما ثارت لتؤكد على جملة من القضايا ليس أهمها تحديد ساعات العمل، وإنما أيضا للمطالبة بحقوق طالما انتهكت من قبل الرأسمالية ومن ضمنها تدني الأجور في معظم دول العالم، في الوقت الذي تلهو فيه الرأسمالية على شواطئ البنوك وعبودية العمال.
وفي هذا العام الذي لم يختلف عن سابقة، اللهم باستثناء حظ العمال العاثر في أن يصادف يوم عيدهم عطلة أسبوعية ليحرمهم من الاستراحة ولو ليوم واحد فقط خلال العام الذي يكابدون فيه حر الصيف وبرد الشتاء، ناهيك عن نكد أرباب العمل.
ويأتي العيد والحكومة تتأهب للانقضاض على ما تبقى من حقوق للعمال من خلال إصرارها على تعديل قانون الضمان الاجتماعي الذي يعتبر المكسب الوحيد الذي ما زال يحتفظ به العمال رغم ضآلة مردودة المادي لشريحة كبرى من أبناء الوطن- إذا قدر لهم البقاء على قيد الحياة-، في الوقت الذي تتسابق فيه العديد من الشركات والمؤسسات للتخلص من العمالة لديها بحجة الأزمة الاقتصادية العالمية.
إن المتابع إلى ميزانيات الشركات ومن نظرة واحدة ليؤكد على أن تلك الشركات بعيدة كل البعد عن أزمة طالما افتعلها البعض واتخذوها مشجبا لتعليق أخطائهم عليها وللهروب من استحقاقات يرون أنها أصبحت ترهق كاهلهم من خلال النزر اليسير الذي يدفعونه للعمال والذين لولا وجودهم لما تمكن الرأسماليون من بناء وتعظيم ثرواتهم التي أصبحت تنوء بحملها خزائن البنوك.
وعلى هامش هذا العيد في هذا اليوم الأغر أرسل لي احد الأصدقاء برسالة معبرة عبر البريد الالكتروني، الأمر الذي دعاني إلى حذف الكثير من أجزاء مقالي هذا لأستبدله بنص تلك الرسالة التي تحتوي على العديد من المعاني والعبر، حيث تقول الرسالة:
"سأل طفل والده : ما معنى الفساد السياسي؟ فأجابه : لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك وأنت في هذا السن ،لكن دعني أقرب لك الموضوع، أنا اصرف على البيت لذلك،فلنطلق علي اسم الرأسمالية... و أمك تنظم شؤون البيت لذلك سنطلق عليها اسم الحكومة... و أنت تحت تصرفها لذلك فسنطلق عليك اسم الشعب... و أخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم المستقبل... أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة اذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة..... و في الليل لم يستطع الطفل أن ينام .. فنهض من نومه قلقا و سمع صوت أخيه الصغير يبكي فذهب إليه فوجده قد بلل حفاضته، ذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ ، و تعجب أن والده ليس نائما بجوارها.. فذهب باحثا عن أبيه، فنظر من ثقب الباب إلى غرفة الخادمة فوجد أبوه معها و في اليوم التالي قال الولد لأبيه! : لقد عرفت يا أبي معنى الفساد السياسي .فقال الوالد: وماذا عرفت ..
قال الولد : عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة
في سبات عميق فيصبح الشعب قلقا تائها مهملاً تماماً و يصبح المستقبل غارقا في القذارة."
وبدورنا نتساءل، ماذا بقي للعمال في عيدهم؟
kalilabosaleem@yahoo.com