من جديد نجح الملك، والاجهزة الامنية، بجعل افرازات الربيع العربي تمر في الاردن بردا وسلاما، من خلال سحب فتيل الازمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي كادت ان تنفجر وتتحول الى فوضى لا قدر الله، بعد ان زافت نفوس الاردنيين من حالة العناد، وسلسلة الاخطاء المتراكمة التي اقترفتها الحكومة المستقيلة، فنتج عنها حالة غير مسبوقة من الاحتقان والغليان، وفقدان الثقة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية وبمؤسسات المجتمع المدني والاحزاب، حيث زادت مشكلتي البطالة والفقر عن 20%، واصبح اكثر من نصف مليون شاب عاطل عن العمل، وصمت الحكومة مسامعها عن صيحات الاستغاثة والنداءات، فلم يعد هناك سبيل اخر امام المواطن غير الشارع للذهاب له من اجل اسماع صوته.
حكمة القائد وشجاعته، جعلت السفينة تحافظ على مسارها، ولم تخرج الامور عن السيطرة، فتجاوب سريعا مع رغبة الشارع، بإقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة، قطعت من جانبها على نفسها وعود بالتغيير الايجابي تجاه المواطن.
اما الاجهزة الامنية فكانت العامل الرديف بالتهدئة، وامتصاص غضب الشارع والنقطة المضيئة، والاكثر اشعاعا على الساحة المحلية خلال الايام الماضية، فلا يكاد ان يختلف اثنين على جمالية المشهد الذي رسمته قوات الدرك مع المواطنين على الدوار الرابع، حيث الاحترام والمجاملات وتبادل الحديث ووجبات الافطار، والضيافات وزجاجات الماء الباردة والتقاط الصور والهتاف معا للوطن والقائد، وصد من تسول له نفسه النيل من امن المملكة ومقدراتها، المشهد ذاته تكرر في باقي المحافظات الاردنية.
قائد قوات الدرك اللواء الحواتمة، نفذ التوجيهات والتقط الاشارات والرسائل الملكية بذكاء، بان الدور المناط بالأجهزة الامنية هي خدمة المواطنين، وحمايتهم من العابثين والمندسين، فأعطى الاوامر العسكرية بتقديم الخدمة لمن يحتاجها، وان تشكل قوات الدرك حواجز وخطوط مراقبة لضمان ان لا يمس مواطن بأذى خرج يعبر عن رايه بصورة حضارية، فتعاملهم الراقي والايجابي ساهم بتخفيف حدة الهتافات، واصبحت الحناجر تهتف للوطن والقائد، كما غنوا لقوات الدرك، عندما شعروا ان هؤلاء الجنود موجودين للحماية لا لتفريقهم والبطش فيهم.
فكم كانت الصورة جميلة، والتي تتمنى اغلب شعوب العالم ان تجدها في بلدانهم، تلك التي اغاضت الاعداء وافرحت الاصدقاء، بان يتواجد ولي العهد الامير حسين بن عبد الله بين المعتصمين، على الدوار الرابع يسلم عليهم ويؤكد على حقهم في الحياة الكريمة، الصورة ذاتها نسجها اللواء حسين الحواتمة، وهو يتبادل الحديث مع المواطنين بود، وهو يحاول ان يوضح الصورة الضبابية التي عجزت الحكومة المقالة توضيحها، كما شوهد الباشا وهو يرسم البسمة على وجوه الاطفال، وهو يداعبهم ولسان حاله يقول نحن بخدمتكم .
وهنا لا نتزلف لاحد ولا نطلب العون الا من الله عز وجل، فانا كاتب هذه السطور لم التق الباشا الحواتمة في حياتي، لكن التجربة الدركية الاردنية اضحت فخر لنا وغنية رغم حداثتها، فغدت محط احترام محلي وعربي ودولي وانموذج امني فذ، فكيف لا والقائد الحواتمة اختاره جلالة الملك لانه زاوج بين الخبرة العلمية والعملية، ورضع هو ورفاقه في السلاح حب الاردن والشعب والانتماء لقيادتهم منذ نعومة اضفارهم، فجزاك الله خير الجزاء ايها الفارس الاسمر الذي لوحت شمس الاردن زنوده ورسمت لونها على محياه، فلك منا الف تحية والف وسام وابقاك الباري تلميذا نجيبا وجنديا وفيا للأردن والقائد.