الرئيس المكلّف .. وأولويات العمل الوطني .. !!
د.طلال طلب الشرفات
08-06-2018 07:54 AM
المعادلة الوطنية الأردنية ليست معقدة كما يظن البعض بل هي قائمة على الصراحة والحوار والتشاركية والنزاهة والوضوح ، فالشعب الأردني شعب عاطفي عنيد وواعٍ الى درجة الألمحية التي لا تخطر على بال احد ، والحكومة الذكية لن تجد صعوبة تذكر في كسب ثقة الشعب والمفتاح الوحيد لذلك هو المكاشفة والتواضع والعدالة مهما كان الوضع قاسياً ومهما كانت الظروف موجعة .
الرئيس المكلف التقط مصل العناد الشعبي بتواضع وذكاء بتصريحات مفتضبة انهت موجة الأحتجاجات بطريقة لا تحدث الا مع هذا الشعب الطيب العنيد ، خطاب لامس الفقراء المحتجين في الأطراف والطبقة الوسطى في النقابات ورجال المال والاعمال الدوار الرابع ، ونجح في تجنب اختطاف الحراك من بعض القوى السياسية في الأيام الأخيرة ، لم يتذاكى الرئيس المكلف ولم يتأخر فكسب الجولة الأولى بأحتراف وكسب معه الوطن واستقراره .
الأستمرار في كسب الثقة الشعبية هي الأختبار الأهم ، والنجاح في تفكيك تحالفات قوى الشد العكسي الساكنة مؤقتاً مهمة أخرى ، وتوجيه رسالة صادقة وعملية في حوكمة الأداء الحكومي ونزاهته مهمة فشلت فيها معظم الحكومات السابقة ؛ لأنها ركنت الى تمرير الثقة في مجالس النواب ونست او تناست الثقة الشعبية ففشلت وافشلت خطط الأصلاح ومضامين الأوراق الملكية النقاشية .
مشروع قانون الضريبة لم يكن مقصوداً لذاته والأضرابات التي حدثت جاءت نتاجاً لتحالف الطبقة الوسطى مع الأغنياء وانساق لها الفقراء للتنفيس عن همومهم ، وهو ما جعلنا نرى خطابات وهتافات متباينة بين الأطراف والدوار الرابع ، الأمر الذي دعونا الى الى القول ان العناوين الرئيسة التي تعكس الهموم الشعبية تكمن في الفقر والبطالة والفساد والصحة والتعليم وان الحلول تتمثل في الاستثمار وتوفير فرص العمل والحفاظ على المال العام والثقة العامة والعدالة الأجتماعية وتكافؤ الفرص والحرية .
الضريبة يقابلها اداء خدمة للمكلف ويرافقها الحوكمة والنزاهة ومكافحة الفساد وهذا لا يتأتى الا بأعادة النظر بقانون الكسب غير المشروع ووضع ضوابط لمراقبة نمو الثروة وحوكمة العطاءات الحكومية والشراء الموحد وتعديل التشريعات التي تتضمن منافذ للفساد وفقاً للمعايير الدولية واعادة الأعتبار للمؤسسات الرقابية وتعزيز استقلاليتها دون تداخل او ازدواج وتعزيز الحريات العامة .
لن تستطيع الحكومة التقدم خطوة في مكافحة الفساد قبل الشروع في تعديل قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وتحصين مجلسها من الاحالة والأقالة ومراجعة كافة التشريعات التي تسهّل الافلات من العقاب وبما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وضوابط النزاهة والشفافية المعمول بها في الدول المتقدمة وان يتم اختيار مجلسها وفق معايير وطنية قائمة على المهنية والأحتراف والكفاءة والاستقلال بعيداً عن الاسترضاء او الاقصاء .
في ظني ان المؤشرات الاولى تدل ان الحكومة ستحترم دور مجلس النواب دون ان تشتري رضاه وفي هذا خطوة مهمة في اعادة الاعتبار لثقة الناس بالمؤسسات العامة والسلطات والى حين وضع قانوني الأحزاب والأنتخاب وبما يمكن من افراز كتل نيابية حزبية قابلة للولوج في عهد الحكومات البرلمانية .
في وزارة التربية والتعليم نجح الرئيس الملكف في اكتساب ثقة الجميع عندما انتهج اسلوباً ثالثاً لم نألفه من قبل ، فهل يكررها في قيادة فريقه الوزاري بكل ثقة وانسجام واقتدار ؟ ، هذا ما نتمناه وحفظ الله وطننا من كل سوء ....!!!