قريط بن أنيف ومعرفة الخالق في عصر الجاهلية
م. أشرف غسان مقطش
08-06-2018 02:42 AM
أثناء مطالعتي لأحد الكتب، استوقفني بيت شعر لشاعر يفترض به أن يكون جاهليا وفقا لجو النص الذي كنت أقرأه، واسم الشاعر قريط بن أنيف. عاشت الأسماء!
يقول شاعرنا المحروس: كأن ربك لم يخلق لخشيته، سواهم في جميع الناس إنسانا.
وقد استوقفني بيت الشعر هذا لأن شاعرا جاهليا يتحدث عن "الرب" وعن "الخلق"؛ ومن أبجديات ثقافتي المتواضعة أن قبائل الجاهلية غير اليهودية والمسيحية لم تكن تعرف لا "الرب" ولا "الخلق"، فصرت أمام خيارين أحلاهما مر: إما أن ثقافتي بحاجة إلى "إعادة هيكلة" أو أن فرضيتي بأن الشاعر جاهلي بينها وبين الصواب ما بين السماء والأرض من بون شاسع لا يخفى على أحد إلا من رحم ربي!
وعليه أطلقت العنان لأناملي تنقر على لوحة المفاتيح في خانة البحث لدى حضرة جناب الباشا (جوجل): قريط بن أنيف.
فقد يكون يهوديا من يهود خيبر أو غيرها من القبائل اليهودية، أو مسيحيا من مسيحيي ربيعة أو غيرها من القبائل المسيحية، أو قد يكون من أية ديانة أخرى كانت موجودة في عصر الجاهلية تؤمن ب"الرب" وب"الخلق"، لكنني ما وجدت ما يشفي غليلي! فلا هو بيهودي ولا هو بمسيحي!
وقد يكون جاهليا مخضرما؛ أي أنه عاصر الجاهلية والإسلام معا، فما وجدت دليلا قاطعا يثبت فرضيتي ولا برهانا ساطعا يفندها!
وكأني أبحث عن إبرة في كومة قش!
وأخيرا وليس آخرا، تساءلت عما قد يكون الأصل اللغوي لكلمتي "قريط" و"أنيف"، فقد يقودني أصل كل منهما إلى مخدع حقيقة ديانة هذا الشاعر العنبري من بني تميم؛ فإذا بكلتيهما عربيتان صافيتان من شوائب العجم: الأولى: بطن من بني كلاب، والثانية : اللين من الحديد! وهنا لم يكن أمامي مفر من التقرير بأن الأفندي لربما ألتقي به نسبا عند الجد الواحد بعد الألف!
وعليه، ولأن الشك مفتاح الحقيقة، فإن السؤال النازل من رحم الشك: هل كانت قبائل الجاهلية غير اليهودية والمسيحية تعرف "الرب" والخلق" قبل الإسلام أم لا؟
الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى بحث موضوعي مسهب بعيد عن الأهواء والميول والعواطف الجياشة، وحتى نصل إلى الجواب البرزخ بين ملوحة الوهم وعذوبة الحقيقة، يبقى المرحوم بإذن الله القريط بن الأنيف جاهليا -غير مسيحي ولا يهودي- يعرف "الرب" و"الخلق".