الرئيس عمر الرزاز والفرصة
د.رحيل الغرايبة
08-06-2018 02:14 AM
من رحم الأزمة العميقة والظروف الصعبة تولد الفرص أمام أصحاب البصيرة والعزيمة، ونحن الأن في الأردن نمر بظروف شديدة التعقيد وبالغة الصعوبة على الصعيدين المحلي والإقليمي، وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية؛ ما يجعل مهمة من يتصدى لإدارة الامور العامة وتحمل المسؤولية ليست نزهة، بل تشكل مغرماً ثقيلاً لا تستحق الحسد أو الغبطة، ولكن مفهوم المسؤولية الحقيقية في كل أحوالها تكليف مرهق يحتاج إلى همة وتضحية وعزيمة فولاذية صلبة، كما أن الفرص تصنع صناعة من رحم التحديات ولا تواتي الكسالى والعاجزين.
الدكتور عمر الرزاز يستحق أن يعطى الفرصة من جميع الأطراف السياسية ومؤسسات المجتمع والجموع الشعبية الغاضبة والمحتقنة، بل يستحق الدعم والمساندة والمشاركة من أجل تهيئة البيئة للانطلاق نحو تجاوز الأزمة والبدء بمشروع النهوض الذي يحقق طوح الأردنيين جميعاً نحو بناء وطن قوي ومستقر، يعيش المواطنون فيه بكرامة وحرية وعدل ومساواة أمام القانون والنظام.
التقاط الفرصة يحتاج إلى مجموعة أسباب وعوامل لا يمكن تجاهلها أو التغافل عنها، ويمكن الالتفات إلى بعض منها،
اولاً : اختيار الفريق الوزاري الذي يمثل عنوان المرحلة وهو الرسالة الأكثر أهمية الموجهة للمجتمع كله، وسوف تخلق الانطباع القوي منذ اللحظة الاولى حول مصداقية الرئيس وجديته في ترجمة الأقوال والشعارات إلى حقائق واقعية على الأرض، فمن البديهي أن يكون الفريق الوزاري على درجة عالية من القوة والكفاءة والأمانة والانتماء، والتخصص وامتلاك الاندفاع الايجابي نحو الاصلاح والعزم المؤكد على التغيير، لكن ما نحن بصدده في هذا السياق انه لابد من وجود فارق حقيقي في معايير الاختيار التي تعودنا عليها سابقاً، والتي كانت لا تخلو من الشللية وصحبة الصالونات، والواسطات وتدخل أصحاب النفوذ والمصالح، والخضوع لمنطق المحاصصة والجهوية والترضيات، على حساب مصلحة الوطن العليا.
ثانياً : نحن بحاجة إلى ايجاد نقلة حقيقية في امتلاك القدرة على ترجمة كتاب التكليف إلى برامج عمل وخطط تنفيذية، فنحن تعودنا سابقاً على سماع خطابات تكليف جميلة وخطاب رد جميل أيضاً، لكننا على أرض الواقع نجد بوناً شاسعاً بين القول والتطبيق، فخطابات التكليف والأوراق النقاشية مليئة بالافكار الرائعة والمضامين التي تعبر عن كثير من طموحات الجمهور، ولكننا كنا دائماً نصطدم بعجز الحكومات عن تنفيذها وتطبيقها وتحويلها إلى سلوكات عملية يلمسها الناس، ولذلك وجدنا أنفسنا ننتقل من أزمة إلى أزمة.
ثالثاً : رئيس الحكومة والوزراء ليسو كبار موظفين، وإنما هم رجال دولة يتحملون مسؤولية إدارة البلاد بكل مجالاتها وشؤونها، وحسب النص الدستوري للمادة (49) « أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم «وينبغي الارتفاع إلى مستوى هذه المسؤولية وامتلاك الشعور الصارم بحس المحاسبة أمام الشعب كله.
رابعاً : خطاب التكليف يمثل مرتكزاً مهماً أمام انطلاق الرئيس في مشروع النهضة الذي يحتاج إلى مشاركة حقيقية فاعلة من كل الأطراف السياسية والمجتمعية وسوف يتجلى النجاح بالقدرة على صناعة هذه التشاركية التي تجعل الشباب ينخرطون في معترك البناء والتقدم والإنجاز وهذا يحتاج إلى حوار ومصارحة ومكاشفة مع قوى المجتمع الحية.
خامساً : لابد للرئيس من العمل على بناء الحياة السياسية الحزبية الفاعلة التي تشكل الطريق الصحيح في تنظيم قوى الشباب والجماهير عبر أطر سياسية برامجية، تنبثق من رحم الشعب وتحمل هم الوطن تحت مظلة الدستور والقانون والانتماء الوطني العميق للدولة الأردنية القوية بهويتها العربية الاسلامية الأصيلة.
سادساً : سياسة الاعتماد على الذات أصبحت ضرورة ملحة؛ ما يجعل الأولوية الأولى تحمل الحكومة أن تحول هذا الشعار إلى برنامج عمل وخطة استراتيجية واضحة المعالم والرؤى في تحويل جموع الشباب إلى منتجين عبر برامج تأهيل تربوي وتعليمي وفلسفة اقتصادية منبثقة من هذه الرؤية الدقيقة.
الدستور