لم تره من قبل ،لكن مع بداية شهر رمضان المبارك ، تجده واقفا على باب المسجد الذي تقصده لصلاة التراويح.
شاب في مقتبل العمر ،يبدو لها انه لا يشكو من شيء لا يعاني من اعاقة ما في جسده ،قد تكون سببا - غير مبرر لها ايضا للتسول - لكنه للاخرين مختلف وسبب لتغيير نمط الحياة واستجداء الاخرين.
كل ما يفعله هذا الشاب هو انتظار المصلين ،عند الخروج من المسجد ،ليبدا باستجدائهم وطلب المال منهم البعض يستجيب له الاخرون لا يكترثون له .
هي بحكم انها امراة ،لا يتجرأ على طلب المساعدة منها ،خاصة وانه لا يعاني من اي عجز قد يثير شفقتها او شفقة الاخرين .
كانت تشعر بالاستغراب في كل مرة تراه لتتقدم نحوه بعد انتهاء الصلاة محاولة اكتشاف السبب لطلبه المساعدة والتسول وهو في هذا العمر من الشباب الذي لا يسمح له بالتسول .
فعمر الشباب هو عمر الحياة والعمل والشعور بمتعة صعوبة الاشياء عندما تاتي بعد حين .
سالته : هل تعاني من شيء ما يتطلب منك ان تتسول ... ؟
اجاب بغضب : انا لا اتسول انا اقف باحترام وعلى الاخرين مساعدتي .وما شأنك انت ؟
قالت : لا شأن لي الا ان رؤية شاب بعمرك يستجدي الاخرين على باب مسجد مستفز حقا ولا يوجد له اي تبرير ...؟
قال : سيدتي دعني وشأني ،انا لم اطلب مساعدتك ولا اقف عند مصلى النساء لطلب المساعدة ..فما الذي يغضبك ويستفزك فانا لا ازعج احدا ... ؟
قالت : كل ما اريد ان اعرفه لماذا تطلب مساعدة الاخرين وانت بهذا العمر ويبدو لي انك لست بحاجة للمساعدة فانت تقف امام مسجد وتستغل الاخرين الذين يرون بتقديم المساعدة للاخرين عمل خير ..
نظر اليها ..ولم يجبها وابتعد عنها قليلا وجلس على درج المسجد ،منتظرا خروج جميع المصلين لاستمكال مهمته التي بداها من بداية شهر رمضان المبارك .
وقفت هي مكانها للحظات وفهمت انه لا يريد ان يكمل الحديث معها وهي لا تريد ان تدخل بنقاش معه خاصة انها لا تعلم عنه شيء فقد يكون يمتلك من الغضب ما يدفعه لايذائها ....
عندما عادت الى بيتها نقلت ما شاهدته لافراد اسرتها واكتشفت ان هناك اكثر من شاب يقف على ابواب المساجد في شهر رمضان المبارك يستجدون الاخرين .
فقد اخبرها ابنها بان المسجد الذي يصلي فيه صلاة التراويح ،يقف على بابه شاب بالعشرينات من العمر ويستجدي الاخرين وقد استوقفه اكثر من مرة ،الا انه رفض مساعدته معتبرا ان هذا منتهى انعدام الاخلاق فكيف بشاب بهذا العمر لا يعاني من اية مشكلة استجداء الاخرين والتسول .
بدا لها الامر عادة وسلوكاً ينتهجه بعض الشباب خلال شهر رمضان المبارك مستغلين رغبة وحب الاخرين للمساعدة متجاهلين اعمارهم واخلاقهم وتحريم الكسب بهذه الطريقة التي لا تليق بهم وبشبابهم .
هو ذاك الشهر الفضيل الذي ينتظر منا ان نكرن رحماء بانفسنا وان لا نصر على ارتكاب الاخطاء بحقها .
هو ذاك الشهر الذي يمنحنا فرصة كبيرة للتوبة والعودة الى مفاتيح الحياة والسعادة الحقيقية والرضا من خلال الايمان والزهد بالحياة كلها هي تلك الايام التي نحتاجها نحن لنعود الى انفسنا ونقائها ونبتعد عن كل ما يمكنه ان يشغلنا عن الايمان والعبادة والاخلاق وسلوك حياتنا اليومي الذي يجب الا يقتصر بشهر واحد بالعام في هذا الشهر يعتقد البعض ان استغلال الاخرين وباي وسيلة امامهم والحصول على المال باي طريقة كانت امر مباح لهم ليتخلوا عن جزء من اخلاقهم ونظرتهم لانفسهم واحترامهم لذاتهم ..
في شهر رمضان المبارك الذي يلملم نفسه ويستعد للرحيل كل ما نحتاجه ان لا نعتبره مجرد محطة وفترة وترحل ان نتعامل معه على انه الاقدر على تغييرنا والبقاء على جمالية هذا التغيير على مدار العام لكي لا نكتفي من انفسنا واكتشافنا كم نحن ضعفاء ونحتاج للايمان الحقيقي .... الايمان الذي يبدا بلقلوب وينتهي بكل ما نقوم به بحياتنا والاخلاق وسموها والارتقاء بها جزء لا يتجزا من الايمان الحقيقي ....
الرأي