الإمارات دائماً تقف إلى جانب الدول العربية واستقرارها، وقد كنا دوماً دعاة إلى ما يضمن أمن الشعوب وازدهارها، بعد أن أثبتت التجارب أن نقيض الاستقرار وتغليب صوت العقل، هو الفوضى وخسارة كل منجز، وفوق ذلك فإن إطفاء النيران أصعب بكثير من إشعالها.
شهدنا هذه الفوضى في دول عربية عدة، بعضها لا يزال يعاني، وبعضها خرج من محنته بعد أن دفع تكلفة كبيرة، وقد كانت الدعوات الصادقة تريد دوماً الاتزان، والاحتكام إلى المصلحة الوطنية، وأخذ العبرة مما تواجهه شعوب أخرى، وهذه الدعوات هي الأصدق، لأن لا مصلحة لأحد في رؤية دولة شقيقة، وسط موجات من الأزمات والفتن والمحن.
حين نتابع ما يحدث في الأردن هذه الأيام، نشعر أولاً بالطمأنينة، لأن هذا الشقيق العربي يثبت دوماً قدرته على تجاوز التحديات، وقيادته المتوافق على قدرتها في التعامل مع الأزمات، والانتماء لها من كافة قطاعات الشعب، الذي أثبت أن موقفه من الأوضاع الاقتصادية، لن يأخذه إلى ساحات الفوضى، فهم لا يقبلون بذلك إدراكاً منهم للكلفة الباهظة الناتجة عن دخول نفق غياب الاستقرار المظلم، وهم يرون بأنفسهم ما يجري في جوارهم وفي أكثر من مكان.
العلاقات بين الإمارات والأردن علاقات تاريخية وطيدة، قامت دوماً على التفاهم والانسجام، وقيادتنا الرشيدة وقفت دوماً إلى جانب الأشقاء على كل المستويات، إدراكاً منها أن هذه الدولة العربية يجب أن تبقى في أحسن أحوالها، استقراراً وأمناً وازدهاراً، ولهذا جاء اتصال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تعبيراً عن مؤازرة الإمارات لهذا البلد في هذا الظرف، وهو موقف ليس جديداً في ظل العلاقات بين البلدين، الحافلة بالمواقف المشتركة والتعاون لما فيه مصلحة الجميع.
إننا نتمنى أن يتجاوز الأردن هذا الظرف المؤقت، وكل المؤشرات تقول إن حدة الاحتجاجات بدأت بالانخفاض، بعد الإجراءات التي أمر بها الملك، كما أننا نراهن دوماً على الشعب، الذي نعلم بأن وعيه سيقف في وجه كل من يحاول بث الفوضى، مع التأكيد على أن هناك جماعات سياسية مقامرة، تستغل الأزمات الطارئة لركوب الموجة، واختطاف الأردن إلى المجهول، مثلما أن هناك أطرافاً عربية وإقليمية، تريد مد مخططاتها إلى هذا البلد العربي الآمن المطمئن.
لقد عبر الأردن طوال تاريخه، أزمات وظروفاً استثنائية، وكان في كل مرة يخرج سالماً وأكثر قوة، وبتوافق بين الحاكم والشعب أثبتت الأيام تماسكه وتغليبه لمصلحة الوطن على ما عداها، مثلما أن حالة الوعي في الشارع الأردني يجعله مدركاً، أن لكل تعبير ومعارضة حداً يجب عدم تجاوزه، كيف لا وقد شاهدوا باعينهم تداعيات التمادي في التعبير والاعتراض في أكثر من مكان، ولن يسمحوا بأن تمتد التجارب السوداء إلى بلدهم الذي بقي عصياً على كل المؤامرات.
نتمنى للأهل في الأردن، دوام الأمن والاستقرار، وأن يدركوا أيضاً أن هذه نعمة لا تقدر بمال ولا بثمن، يعرف أهميتها من فقدها، مثلما نؤمن أن الدولة الأردنية، لديها القدرة على ابتكار الحلول لتجاوز هذا الظرف العابر.
البيان