مألات وحلول الأزمة في الأردن
المحامي د. أحمد محمد العثمان
07-06-2018 02:03 PM
إن حل أي مشكلة أو أزمة يقتضي تشخيص المشكلة ومن ثم تحديد أسبابها وبعد ذلك تصور الحلول الممكنة لها ، وبالبناء على ذلك فإن الأزمة التي يعيشها الأردن حالياً تأخذ بعدين هما :
1- البعد الإقتصادي والذي يتمثل بحالة الفقر والضائقة الإقتصادية التي يعيشها المواطن .
2- البعد السياسي والذي يتمثل بحصر تداول السلطة بفئات معينة من الأردنيين إنتقلت إليهم بالتوارث.
3- حصر إشغال بعض الوظائف في دوائر معينة والوظائف القيادية والعليا بفئة معينة وحرمان فئة كبرى من المواطنين من ذلك لأسباب مختلفة وغير معلنة لكنها تمارس على أرض الواقع وفعلياً .
4- عدم القدرة والكفاءة في إدارة الأزمات والعلاقات الدولية إذ أن العلاقات الدولية تقوم على مبدأين هما : القوة والمصلحة بعيداً عن المجاملات ، لكنا ندير علاقاتنا الدولية على أسس من المجاملة والإرتماء بأحضان الغير .
وللتدليل على ذلك فقد قطعنا علاقاتنا مع قطر مجاملة للسعودية ، فلا نحن حققنا مصالحنا من خلال السعودية ولا نحن حافظنا على مصالحنا مع قطر ، بل وضعنا الأردنيين العاملين في قطر في وضع لا يحسدون عليه .
كما لم نحسن إدارة علاقاتنا مع سوريا خلال الحرب عليها وأصبحنا نبكي على إغلاق حدودنا معها ، وإستقبلنا اللاجئين السوريين وأخذنا نتغنى بكرمنا في ذلك دون أن نحمل المجتمع الدولي ودول الخليج مسؤوليتهم من جراء ذلك وكان بمقدورنا أن نحول أزمة اللجوء الى فرصة للإستثمار وإجتذاب الأموال وللتدليل على ذلك فقد إستقبلت تركيا عدداً من اللاجئين لا يتجاوز مليوني شخص في حين أن الأردن إستقبل ما يقارب مليون وربع مليون شخص وبعملية حسابية فإن نسبة اللاجئين الى سكان كل من البلدين يكون حجم اللجوء للأردن أكبر بكثير مما هو في تركيا لكن تركيا حصلت مقابل ذلك من الدول الأوروبية على ما لا يقل عن سبعة عشر مليار دولار في حين لم نحصل نحن إلا على الفتات مع أنه كان بمقدورنا إرغام المجتمع الدولي على أن يتحمل أعباء اللجوء وبخلاف ذلك فتح الحدود للاجئين الى دول الجوار ،وفي ذات السياق فإن التغني بعبارة الأسرة الأردنية والعائلة الواحدة لا يليق بمقام الدول ، فالأردن دولة أردنية وليس أسرة أردنية ، لأن للدولة أصول إدارتها وإدارة الأسرة أمر مختلف عـن ذلك ، الأمر الذي جعل الإدارة لدينا إدارة متخلفة .
كما أن التعديلات الدستورية الأخيرة تمت على خلفية أن تكون الحكومات برلمانية لكن ذلك لم يحدث حتى الآن .
5- ومن أهم أسباب الأزمة غياب الرقابة والمحاسبة والمساءلة للمقصرين تعمداً أو إهمالاً لأقرب الأمثلة على ذلك ، إذ لم يسأل أحد عن ذلك ولم يحاسب ، ولما كانت القاعدة في ذلك أن من أمن العقاب أساء التصرف فإن مؤدى ذلك أن الحكومات المتعاقبة لم تتحمل مسؤولياتها بجدارة .
6- عدم إستثمار الموارد الطبيعية بشكل يعود على الدولة بالعوائد والفوائد .
7- الإهمال الذي عاناه ويعاني منه قطاع التربية والتعليم وكذلك التعليم العالي ، إذ أن الدول تنهض من خلال النهوض بهذين القطاعين فقد سئل إمبراطور اليابان عن كيفية تحقيق نهضة اليابان فقال : أعطينا المعلم راتب الوزير وأسبغنا عليه حصانة الدبلوماسي ، وعندما اعتصم الأطباء في ألمانيا مطالبين بمساواة رواتبهم بالمعلمين أجابتهم مستشارة ألمانيا بأنه لا يمكن مساواة رواتبكم برواتب من علمكم.
8- والسبب الرئيس في كل ما وصلت إليه أحوالنا السياسية والإقتصادية يتمثل بأننا نلقي بمسؤولية ذلك على الأخرين لفقدان الجرأة على مواجهة الذات والبحث في ذاتنا لنعمل على تغيير منهجاً في العمل .
9- أما التذرع بالضغوط التي يمارسها البنك الدولي فهي عذراً أقبح من ذنب فعندما أوشكت اليونان على الإنهيار من جراء الديون للبنك الدولي والإتحاد الأوروبي كان برنامج أحد المرشحين لرئاسة الوزراء أنه لا يمكن أن يدفع الديون ليجوع اليونانيون وعندما نجح رفضت حكومته دفع الديون فهرولت الدول والبنك الدولي لتقديم الأموال لليونان وها هي اليونان قد عادت الى زمن الإزدهار ، فلماذا لا نفعل ذلك ؟ّ !
أما الحلول الممكنة فسوف أتناولها في الحلقة القادمة بإذن الله .