في إنتاج الغضب: حديث الملك وثقة الأطراف
د.مهند مبيضين
07-06-2018 01:22 AM
تطوّع الكثيرون للتبشير بالدكتور عمر الرزاز وقدراته وعقلانيته وسعة صدره منذ ساعة إعلان اسمه خلفاً للدكتور الملقي، وهذا ما نأمل أن يظل عليه، ويعكسه على نهج الحكومة، فمن استمع للناس شاركهم عقولهم. وهذه المرة سجايا الرئيس مختلفة عن سلفه، في سعة الصدر والتكوين السياسي واللين مع الناس في النقاش.
قالها الملك في لقاء الكتاب، إن الثقة خارج العاصمة ونريد وزيرا كل يوم بمدينة، ونريد عملا وشغلا حقيقيا للوزراء وليس نوماً، حديث الملك مثل مظلة موازية لحديث الشارع، الذي استوحى عباراته من يومه المُر جوعاً وفقراً ونقصاً في الخدمات. هنا توقف الملك عند الخدمات والضريبة وأن المواطن يجب أن يحس بالخدمات الجيدة، وليس للحكومة أن تطلب ما تقدم عوضا عنه، كان الملك غاضبا إلى حدود لم نرها مسبقاُ مما يعكس رؤيته وتقييمه الطيب لكلام الشارع.
كان عنوان تكليف حكومة الملقي عند التشكيل، ملف الخدمات وتحسينها، لكن فرقاً واضحاً لم يحدث، هنا يجب التعلم من الأخطاء، زار الملك مناطق تشح بها الخدمة، كانت زياراته الأخيرة لمستشفى البشير والأغوار الجنوبية جرس تنبيه، لكن رادار الرابع لم يلتقط الإشارات الملكية التي سبقها حوارات مع قادة وزيارات للأطراف في بيوتات الأردنيين.
لم تصل رسائل الملك للحكومة، اكتفت بلقاءات الشباب في صيغة حداثية، أول مرة جلست الحكومة على منصة يوم الجمعة في مدينة الحسين ولبست الجينز، وأمطرهم شاب كركي بكلام موجع، قال إن نرى الخبز بالنسبة للأطراف وجعاً وأملاً وسداد رمق، وفي اللقاء الثاني قبل ثلاثة أسابيع وزّعت الحكومة وزارءها على طاولات الشباب، وجاء تصريح رئيس اتحاد طلبة جامعة مؤتة ليكشف الألم والعزلة والمطالب التي فرضت على الطلاب بعدم اغضاب الحكومة والحديث بأسئلة محددة مسبقاً، كان هذا استقلال للشباب عن مرجعية الحكومة فالمسافة كانت بعيدة جداً. وكان المحتجون في الساحات لا علاقة لهم بمن التقتهم الحكومة في القاعات المكيفة.
الحلم الشبابي تحقق بإقالة الحكومة، هم استجابوا لكلام الملك في الجامعة الأردنية في بداية السنة بوجوب الضغط من تحت، واليوم الملك يكمل ما بدأوه في ساحات الاعتصام، ويبين كيف كانت الحكومة وكسل وزرائها سبباً في انتاج الغضب والاحتقان.
الثقة في الأطراف نعم، هذا ما قيل للملقي وهذا ما رددناه دوماً، وما ألمح إليه سيّدنا، لكن لم يصل أحد إليها بشكل حضاري ليظهر لأهلها اهمية صوتهم ومطالبهم، كانت هناك زيارات برتوكولية، انتهت مضموناً على هاتف الوزير في سيارته الفارهة وهو يتفقد واتس الأب.
حقق بعض الوزراء جهداً طيباً، في التعليم العالي كان هناك انجاز كبير جرى لأول مرة خروج رؤساء جامعات بسبب فشلهم عن مهامهم، وفي الداخلية كان هناك حس ووعي وطني باهمية اللين، والحوار مع القوى المحتجة، وفي الزراعة كان هناك نجاحات أيضاً، وكذلك في التربية.
لدى الرزاز إرث طيب، وخلق وسمعة جيدة، لكن لدى الشباب اسئلة وغضب على الوساطات والفساد والمحسوبية وشيوع الفقر، ولكن لديهم كرامة وعزة ولديهم رغبة برئيس وزراء وقد ارتضى أن يبقى في بيت أبيه الكبير قيمة ليسكن مثلهم، بأن يذهب للعمل بتكسي ما دام تقليص النفقات مطلوبا من قبل الحكومة.
اخيرا عمر الرزاز وجه حداثي، لكن تحدياته كبيرة جداً أعانه الله.
الدستور