١- ما يحصل الان هو اهم حدث في الاردن منذ التحول الديمقراطي ١٩٨٩ بل و يفوقه أهمية ذلك أنه جاء بعد بناء وعي جمعي بقيمة الانسان وحقوقه و ظهور جيل لا يحمل رهاب الأجهزة الأمنية مثل الجيل السابق ، هذا الوعي تراكم من خلال وسائل التواصل و انصقل بتجارب الربيع العربي فتجاوزنا اخطاء السابقين .
٢- هذا الحراك اجتماعي ليس له علاقة بالدِّين ولا بالسياسة كمحركات للناس ، هو ثورة الطبقة الوسطى ( سابقاً) و اللتي تعيش الان على الكفاف و اللتي بتطبيق باقي الإجراءات المنتظرة ستصير فقيرة بطبيعة الحال ، و ساعد في الحراك ان الإجراءات ستمس الطبقة فوق المتوسطة من اصحاب الشركات الصغيرة و المكاتب الهندسية و التجار و أطباء الاختصاص و غيرهم و هؤلاء أعطوا للحراك اضافة نوعية بقدرتهم على التأثير في الإضرابات بشكل خاص سواءً بتعطيل المصالح او بحشد الموظفين .
٣- غياب الاخوان تحديداً و الأحزاب عموماً أفاد الحراك و أضر الأحزاب ، و اعتقد ان العمل العام سيدخل قريباً مرحلة بناء احزاب حقيقية على أسس جديدة اجتماعية و اقتصادية غير ايديولوجية .
٤- برغم كل الفساد اثبت النظام في الاردن انه الأوعى في التعامل مع الناس دون عنف و ساعد في هذا ان عقيدة الشرطي و رجل الدرك وطنية و غير عدائية تجاه المواطن ، أضف الى ذلك ان الحراك يمثل هذا الشرطي طبقياً .
٥- الوعي عند الدولة في النقطة السابقة قابله خبث منها في التعامل مع المطالب و شراء الوقت و محاولة تفكيك الحراك بأخذ النقابات بعيدا عن الشارع لإفقاد الحراك القيادة و ربما تسهيل ظهور قيادات للشارع تميّع الحراك او تشيطنه .
٦- الدولة لا تفكر أبداً بتغيير النهج طوعاً و هي تريد احتواء الفورة الآن و تراهن على فتور الناس و ملل الشارع و عدم القدرة على الحشد بنفس الزخم مرة اخرى .
٧- استطاعت الدولة اخذنا الى مربع التفكير بأسماء الوزراء المتوقعين و نقاش الأسماء و المفاضلة بينهم و مع هذا فالأردنيون قادرون على التفكير في هذا و الاستمرار بالحراك ، و لا اعتقد ان من الممكن لأي تشكيل وزاري ان يقنع الشارع.
٨- حتى و ان قررت الدولة تغيير النهج و الاتجاه الى استراتيجية اقتصادية اخرى فإن المرحلة القادمة ستكون صعبة جداً و سيواجه الاردنيون تغييراً صادماً في مستوى المعيشة و هذا ما لا يعيه الشارع لغاية الان .
٩- السعودية و الإمارات و مصر و اسرائيل أرادوا جميعاً حصول أزمة اقتصادية في الاردن للضغط عليه لقبول الحل الامريكي للقضية الفلسطينية ، لكنهم الان يخافون من تهيئة الفرصة لتجربة ناجحة عربياً في الحكم الرشيد و اللتي تتمثل بملكية دستورية حقيقية و هذا ما تكلم عنه الملك قبل يومين ، خوف هؤلاء و عودة مساعداتهم قد يعطي الدولة سنتين إضافيتين قبل أزمة جديدة .