بعد قبول استقالة او إقالة رئيس الوزراء هاني الملقي، تداول ناشطون العديد من الأسماء المقترحة لتولي رئاسة الوزراء من بعده، وكان الاسم الأكثر تداولاً بين الناشطين ويبدو ان هذا ما كان صدفة وانما تسريب لجس نبض الشارع والله أعلم.
عجت مواقع التواصل الاجتماعي "بالنكات" و التعليقات الساخرة والكوميدية، حول القرارات التي سيتخذها دولة الرزاز و صبغوها بصبغة "التوجيهي" كونه تولى اخيراً حقيبة التربية والتعليم، و لم تخلوا كالعادة التعليقات بين مؤيد ومعارض، وبين مطلع و تابِع.
شغل الرزاز مناصب قيادية لمؤسسات اقتصادية كبيرة مثل البنك الأهلي الاردني، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، كما عمل مديراً لمكتب البنك الدولي في لبنان، وهذا يعطيه قوة وتميز من ناحية اقتصادية.
كلفه جلالة الملك رئيساً للجنة تقييم التخاصية، وخرج وفريقه بتقرير مهني اتسم بالشفافية والوضوح والحيادية الى حد كبير، وتحدّث عن نتائج التخاصية بكل جرأة في اكثر من محفل واخرها في الجامعة الامريكية في مأدبا، وهذا يعطيه قبول لدى الشارع الذي ينشد الشفافية و الوضوح.
تواصله مع المواطنين الدائم، من خلال اللقاءات والفعاليات، والتفاعل معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ يدل على تواضعه واحترامه للجماهير، وشتان بينه و بين من سبقه في هذا.
نجاحه في ادارة ملف "التوجيهي" رغم قوى الشد العكسي في الوزارة، رفعت اسهمه لدى غالبية الطلبة واهاليهم على حدٍ سواء، حتى ان احد التعليقات وصفت ان تكليفه لرئاسة الوزراء جاء استجابةً من الله لدعاء امهات واولياء امور الطلبة.
في الظروف الإعتيادية الرجل هو الأنسب وفقاً لسيرته الذاتية والمهنية، ولكن المملكة تمر بظروف غير مسبوقة، فقد حذا الأخوة العرب حذو الدول الغربية وقطعوا او قللوا المساعدات المقدمة للأردن، وبذلك تتحمل المملكة تبعات اللجوء اليها لوحدها، وفي الوقت نفسه يحاول جلالة الملك على الدوام تقريب وجهات النظر بين الأخوة العرب وتذليل العقبات أمام الإستثمار الخارجي، فهل من المناسب في هذه الفترة تحديداً اختيار حفيد مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي مع احترامي له ، ومعاداة العراق وايران ودول الخليج كافة؟!
نستذكر عتب دولة الكويت على جلالة الملك حين قام بتعيين الدكتورخالد الكركي رئيساً للديوان الملكي، ونستذكر مطالبة برلمانيين عراقيين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة نتيجةً لإحتضان الأردن لقيادات من حزب البعث العراقي، وهنا لا اقصد بأن نسمح لأي كان بالتدخل في شؤوننا الداخلية، الا انه من المهم ان نضع كل المعطيات على الطاولة ودراستها بشكل مختلف في هذه الظروف الغير اعتيادية، فالعراق و الخليج هما المتنفس الوحيد حالياً الى ان تتعافى سوريا.
من ناحية اخرى فالوضع الداخلي يحتاج الى "كاريزما" لها قبول في الأوساط الشعبية والنخب، ولها ثقل بالتأثير على المحتجين و النقابات، شخصية يثق بها الجميع ومشهوداً لها بنظافة اليد، يخاف على تراب وطنه المدفون به جدُهُ السابع.
بين متفائل ومتشائم من قدرة دولة الرزاز على قيادة المرحلة، نضم صوتنا لصوت جلالة الملك المطالب بالتحول الى حكومات برلمانية بعد تمكين الأحزاب ومؤسسات الدولة، ولتكون اطروحة جلالته في الورقة النقاشية الثانية نهجاً حكومياً للبدء بهذا التحول الديمقراطي.