المهمة الصعبة لرئيس الحكومة المكلف
عمر الرداد
05-06-2018 04:08 PM
إن التحدي الجوهري الذي يواجهه الرئيس المكلف أزمة معقدة وعميقة ،متشعبة ومركبة ،عنوانها شارع غاضب بلا رأس، ربما أصبحت قضية مشروع الضريبة خلفه، أعلن مطالبه بكل وضوح بوضع كافة الملفات المرتبطة بالإصلاح الشامل اقتصاديا وسياسيا على طاولة الحكومة الجديدة، ونقابات غاضبة وتحركت وحركت الشارع على خلفية قضية الضريبة ،ومجلس النواب يتحفز لاستعادة شعبية غير قائمة،في ظل تجاوزه من قبل الشارع وحركته،وهو ما سيجعل حصول الحكومة الجديدة على ثقة مجلس النواب محط تساؤلات ستكون هذه المرة مرهونة بالمزاج العام للشارع ،خاصة في ظل إشارات حول قانون انتخابي جديد ،تعقبه انتخابات يتطلع غالبية النواب لخوضها مجددا، إضافة لقوى وصالونات سياسية غير راضية عن تكليف الرزاز اوتتطلع للحصول على حصتها في التشكيلة الوزارية.
التحدي الذي يواجهه الرئيس المكلف يكمن في اجتراح معادلة جديدة بتفكير إبداعي تضمن الخروج من ضغوطات صندوق النقد الدولي بأقل الخسائر، وضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية الكبرى بالاستثمار والتنمية الشاملة وزيادة نسبة النمو الاقتصادي ، في ظل شارع يترقب بعيون مفتوحة لاي قرار، لا يؤمن بالمصطلحات الاقتصادية الكبرى كميزان المدفوعات والنفقات الرأسمالية، ويتحرك تحت قناعات بان النخبة السياسية والاقتصادية غارقة بالفساد،وان استرداد مبالغ مالية من قضية فساد كبرى كفيل بحل جزء كبير من مشاكل الأردن .
لا يملك الرئيس المكلف متسعا من الوقت، اذ ان اتخاذ قرارات شخصية منه قبل البدء بتشكيل الفريق الوزاري و البدء بالحوار الوطني الموعود مع كافة القوى والفعاليات،تحظى بأهمية استثنائية ،لعل في مقدمتها الإعلان عن سحب مشروع قانون الضريبة بصيغته المطروحة من قبل الحكومة السابقة، تمهيدا لإعداد قانون جديد يكون احد ابرز مخرجات الحوار الوطني.
وبموازة ذلك ،فان تشكيلة الحكومة ستكون تحت رقابة شعبية مجهريه ،وإعادة ضم أعضاء الفريق الوزاري السابق ،ستكون إشارة غير ايجابية للشارع والحراك، الذي يشعر بثقة اكبر بان التغيير كان بفضل ثبوته على مطالبه،وربما لا يقتصر على وزراء معروفين ،أصبح يشار إليهم باعتبارهم وزراء "تازيم"، بل تتسع القائمة لتشمل لوزراء سابقين، ينظر إليهم الشارع باعتبارهم سببا في الأزمة المزمنة.
بالرغم من صعوبة المرحلة وتعقيدها، إلا أن هناك عوامل ستكون سندا للرئيس في إطلاق برنامج حكومته ،في مقدمتها الدعم الملكي ، الذي عبر عنه كتاب التكليف السامي ، بخطة طريق شاملة تستجيب لمطالب الشارع في التنمية الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة، وإعادة النظر بمشروع قانون الضريبة وان يكون نتاجا لحوار وطني شامل، إضافة لخبرات الرئيس و"نجاحاته" في المواقع التي تولى ادراتها كمؤسسة الضمان الاجتماعي، ووزارة التربية والتعليم،ورغم تحفظات قوى وشخصيات على الرئيس المكلف ارتباطا بعمله السابق في صندوق النقد الدولي ،الا ان تلك الخبرة قد تكون عاملا مساعدا له بالتفاوض مع البنك الدولي لمعرفته بدهاليز مفاوضاته.
مؤكد إن الرئيس المكلف يدرك الوضع الإقليمي المعقد وانعكاساته على الأردن في هذه المرحلة، وان الضغوط على الأردن تستهدف ابتزازه لانتزاع مواقف منه تجاه قضايا المنطقة وفي مقدمتها صفقة القرن، وان خيارات الأردن محدودة كما قال جلالة الملك: اما حل الأزمة او الذهاب الى المجهول، وان الشارع غير معني بقضية الضغوط الإقليمية ، وان هناك خيارات أخرى لإدارة الموارد بما يخفف من أعباء الأزمة.