كتب الأستاذ الدكتور محمد سند أبودرويش:
"ليس الظلم وحده كفيلٌ بأن يولّد الإنفجار، إنما الشعوربالظلم هو الذي يوّلد الإنفجار" بهذه العباره أستطيع أن ألخص الحاله السائدة الأن في الشارع الأردني والذي وصل الى حالة من الغليان لاعودة عنها إلاّ بإجراء تغييرٍجذري على جميع الصعد يستُشعرمنها المواطن الأردني بأن هنالك إصلاحات جادة تضمنُ له عدالةً مجتمعية نوعيه, قبل أن تحقق له ذلك الرفاه الأقتصادي الذي قل أن شعربه يوماً من الأيام,أذ لم يكن الرفاه الأقتصادي يوماً علامة فارقة في حياته.
فإذا ما عُدنا الى عقودٍ مضت من تاريخ الدوله الأردنيه الحديثة لم نجد أن المواطن الأردني قد عاش في رفاه أقتصادي مميزٍ يذُكر، بل على النقيض من ذلك , كان في عوز من العيش وتردي في نوعيةِ كثيرٍ من الخدمات الأساسيه التي قدمتها الحكومات المتتالييه سواء في الصحة والتعليم والبنى التحتيه مع أرتفاع ملحوظ في نسب الفقر والمرض والأميه، حتى أن الأردن كان يصُنف في أخر سلم الدول الناميه, اذ كان ليس بالمقدور أن تجمع في أحسن الأحوال من قرية أردنيه أو تجمع سكاني مبلغا متواضعا جدا من المال،وليس ذلك فحسب بل حال الفقر في كثير من الأحيان ,دون أن يحّصل العديد من الأردنيين دراستهم الجامعيه أو أن يتلقوا أبسط الخدمات العلاجيه لأهون الأمراض. وعلى الرغم من ذلك كله إلا أن المواطن الأردني في تلك الحقبة من الزمن شعر بنوع ٍ من العدل ِوتكافؤالفرص ودرجة عالية من الرضا والثقة في أن حكومات تلك الفتره لم تؤلوا جهداً لئن تقدم له الأفضل وأن ترتقي بحياته نحو الأحسن من خلال قيادات وطنية كفوءة ومقنعه بعلمها، وشخوصها وخبراتها وحسها الوطني وعمقها المجتمعي غير متخذةٍ اُسلوب أدارةٍ عمياء ورعناء لتحقيق منفعتها الشخصيه اومكاسبها الماديه وإشباع رغباتها ونزواتها على حساب الوطن والمواطن ، بل كان نهجها النظري والعملي ان "الانسان أغلى ما نملك" وان خدمة الأردن وأنسانه ودون مقابل هو شرف الشرف ولذة الحياه. وما يؤكد هذه الحقيقه أن جيل الشباب الأردني الحاضرالذي لم ُيعاصرالعقود الأولى من نشأة الدولة الأردنيه, يحاول أستحضار ذكرى حكومة وصفي التل مستشهداً بالأحاديث الكثيره عن نزاهة تلك الحقبة وتميزّها مجسدا أياها كحالةٍ وطنيةٍ خاصه عكست الشخصية الأردنية الجاده المنتمية لوطنها وعروبتها.
أن حال اليوم مختلف تمام الأختلاف عن حال الأمس، فالأردن الحديث هو على مستوى عالي من التقدم العلمي والتكنولوجي، والمواطن الاردني هم على أعلى درجات العلم والمعرفه والثقافة في عالمٍ أصبحَ فيه معرفة الحقائق بغثها وسمينها ,وحلوها مرها,أمراً متاحاً للجميع دون قيود، والرفاه الأجتماعي والأمني الذي يعيشه الأردن يثيرُغبطة الغابطين وحسد الحاسدين، إذ كان الأردنيون وما زالوا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي أكثرالعرب عقلانية وصبراً،وأكثرهم تفاؤلاً, ليس من باب الخوف على وطنهم فحسب ، بل لأنهم نظروا الى المستقبل بعين العقل والحكمة وبأمل أكبر أن الغد أفضل, بيد ان ما يحدث الأن هو نتاج لفقدان الثقه في حكومات متتاليه لم يكن لديها الأردني أغلى ما تملك ، ومجالس نواب ضعيفة متهالكه لم ينأى البعض منهم عن صغائرالأمور فكانت قضايا الوطن و المواطن أخر أهتماماتهم ,وهو أيضا نتاج لفقدان الثقة إيضا في حكومات وإدارات رديئه متخلفة وعاجزة عن مسايرة الركب والأحداث , فلم تكن مقنعة في نهجها ولا في خطابها الركيك أصلاً ، بل لم يكن لمعظمها خطاب إعلامي اصلاحي وتنويري ليخاطب عقل الأردني فيقنع بما سمع أو تخاطب قلبه فترضى عواطفه , بل على العكس من ذلك كانت مستفزةً ومثيرة للسخرية والاستهزاء لم تحترم مستوى الأردني الثقافي وذكاءه الطبيعي ، ولم تصل أيضا بعض تلك الحكومات الى مرحلة القيادة والريادة والتأثير فتبعث الأمل في نفوس الأردنيين أو أن تحقق على أرض الواقع ولو جزءاً بسيطاً من وعودها التي أقسمت أن توءديها أخلاصا للملك وخدمة للأمه.
أستطيع القول جازماً بأن الأردنيين لا يتاونون أبدا في ان يقدموا ارواحهم واموالهم فداء للوطن وأن يتحملوا مزيداً من الضرائب وأرتفاع الأسعار وضنك العيش في سبيل إن يبقى الأردن سدا منيعا في وجه العاتيات ، شريطة أن يكونوا متيقنين بان ما يقدموه هو ذاهب الى جيب الأردن وليس الى جيوب من لا يَرْقُبُوا في الأردن إِلاً ولا ذِمَّةً .
علينا وعلى من يهمه أمر الأردن والأردنيين ان يأخذ العبرة من أحداث هذه المرحله ، وأن نعيد النظر في حالنا وأحوالنا, وأن نواكب متطلبات العصروما تحمله من رياح التغيير حتى لا نجعل للمتأمرين على الاْردن والمتربصين بِنَا سوءاً ان يدخلوا الى بيتنا الأمن وعلينا جميعا ان نجعل من أحداث اليوم فرصة لنا لأن نعيد حساباتنا لنمضي قُدماً في بناء أردنٍ عصريٍ حديث,تتكافئ فيه الفرص ، وان تكون أحداث اليوم أيضا فرصة اخيرة لمن يحيط بالأردن سوءا.