عن الأردن وثمن العروبة الحقة
محمد يونس العبادي
03-06-2018 09:33 PM
من بين كل دول المشرق العربي، لربما لا يوجد دولة تحملت ما تحمله الأردن الذي دفع ثمن عروبته من تضحية جنده شهداء في فلسطين، وتضحية الأردنيين من قوتهم.
فالأردنيون الذي كيفما استعرضت تاريخهم واشتباكاته مع القضايا القومية العربية تجدهم في مقدمة المناصرين لكل قضية، وهم أيضاً، الذين كيفما استعرضت تاريخهم وجدتهم الأكثر تعباً في سبيل عروبتهم.
الأردنيون، منذ لحظة أعربت هذه الدولة عن ذاتها، في عشرينات القرن الماضي، أتهموا بأنهم يدعمون الثورة السورية ضد الفرنسيين( 1925 – 1927) ، وهذه التهمة مثلت محل إعتزاز أردني، شاهد عليه مذكرات أحد رموزها سلطان الأطرش.
والأردن، هو ذاته الذي قدم جنده التضحيات عام 1948، ثم ضم الضفة الغربية، صوناً لعروبتها، وبإرادة أهلها، فدفع أيضاً ثمن ذلك سنيناً من الحصار من الشقيق والقريب، وكانت التهمة حينها، حميته العربية.
والمستطلع لوثائق وعناوين صحف بعض الدول في عقد الخمسينات، يدرك لماذا تأسس نوع من حقد الأشقاء وإتهام هذا الوطن بما ليس فيه، إذ أشهر بعض الأشقاء سلاحه تجاه الأردن، لأنه اتخذ قرار الضم، وخيم هذا القرار على كل مطلبٍ أردني من بعضهم، فهم لا يريديون للأردن أن يمارس دوراً، ولا يريدون أن يروه سوى في جيوبهم.
فنخوة الأردن ورؤوس أهله الحامية تجاه فلسطين، واستعدادهم للبذل بالغالي والنفيس، والوثبة الأردنية العربية المدفوعة بشرعية الهاشميين وعزيمتهم، صنعت من هذا الوطن صرحاً عروبياً خالصاً، يعز نظيره.. ويستكثرها من يودون أن يلغوا دور الأردن ليستطيعوا شرعنة سرقة فلسطين والخنوع لكل قادم وتعديل بوصلة المشرق العربي وشعوبه العربية.
واليوم، ترى الأردنيين وفي محياهم التعب، من عيش وضيق حالٍ، وترى مع ذلك شقيقاً صامت، وصديقاً غائب، وحليفاً مضى، ولكنك تدرك أن الأردنيين ما تعبوا من عروبتهم ومواقفهم.
كما أننا بتنا ندفع ثمن مواقف تصدينا لها منذ عقود مضت بالدم واليوم نتصدى لها بالتضييق، فالأردن منذ سنوات وحدوده مغلقة شمالاً وشرقاً وغرباً.
وندرك ونعلم ونحن نتأمل هذا الحال أن الأردنيين تعبوا، وأرهقتهم السنين، وأتعبتهم عروبتهم، التي حملوهاً عقداً بعد عقد.. كما الأمانة في أعناقهم، حتى وصلنا اليوم إلى أن بات "الماسك على عروبته كما الماسك على جمر".
ثمن العروبة والخطاب الصادق، وثمن التأسيس على الصدق، فالأوائل أرادوا لهذا الوطن أن يكتنز مفردة العروبة إن أضاعها كثر، وأن يصون الخطاب لزمانٍ قادمٍ سينهض فيه جيل يستبسل في سبيل البناء، فيصون الأردن هذا الخطاب..
وأيضاً، علينا أن لا ننسى فساد بعض الإدارات العامة، وتضخم بعض الذوات في أنفتهم ومكابرتهم.. فالأردن بلد تأسس على الوجدان وملامح الناس والبسطاء والمواقف، ولا يدار عبر الالات الحاسبة، فهذه " الثلة" غير مدركة أن الأردنيين ملتصقين بدولتهم وهمومها، ووجدانهم تجاهها ما زال نقياً.
حمى الله وطننا الهاشمي، وأدام عز مليكه ...