تساؤلات شعبية مشروعة واجوبة رسمية تائهة
د. عاكف الزعبي
03-06-2018 04:59 PM
تساؤلات عديدة مشروعة لم تخلُ من استغراب من ادارة الشأن الاقتصادي ، لكنها لم تلق الاجابة الرسمية حتى تاريخ اضراب الاربعاء كما لم تجد الاستجابة ايضاً لشديد الاسف بعد اضراب الاربعاء ولا تزال على تأخرها كما هي العادة بعد ان خرج المواطنون الى الشارع ايام الخميس والجمعه والسبت.
اليوم تجاوزت التساؤلات حدودها الاولى لتدخل الى التفاصيل وتصبح اكثر تحديداً من ذي قبل ، لنسأل بتعجب هل ان الامر يقف فعلاً عند حدود افتقاد الكفاءة والحكمة لدى صانع القرار ام هو الامعان في تجاهل صوت الشارع والاستهتار برسائله ؟
فمن الذي اشار بالتعديلات الشاملة والعالية على نسب ضريبة المبيعات وهي ضريبة يدفعها الجميع وفي مقدمتهم الشرائح منخفضة ومتوسطة الدخل ؟
ومن الذي اشار بتعديلات ضريبة الدخل التي ستضيف شرائح منخفضة ومتوسطة الدخل لتتحمل عبئاً ضريبياً جديداً مباشراً وعبئاً اضافياً آخر غير مباشر ناتجاً عن رفع الضريبة على البنوك وعلى الشركات الاخرى التي سوف تعكس ما ارتفع عليها من الضريبة برفع اسعارها على المواطنين ؟
ومن الذي اختار ترتيب ومواقيت الاجراءات الضريبية للسير في تعديلات ضريبة الدخل مباشرة بعد التعديلات على ضريبة المبيعات فيأتي التأثير على جيوب المواطنين مضاعفاً وغير محتمل ويدعو للاستفزاز ؟
واذا كان طلب صندوق النقد الدولي المعلن في مراجعته المستحقة يتعلق فقط بقانون ضريبة الدخل فلماذا لم يتم التعامل مع قانون ضريبة الدخل استجابة لطلب صندوق النقل وهو الامر الأولى والاكتفاء بذلك وعدم القيام برفع ضريبة المبيعات الآن ؟
ثم لماذا نذهب الى تعظيم العقوبات على متهربي الضريبة ونحن لدينا عقوبات كافية اصلاً ولم نقم بتطبيقها ؟ اليس ذلك سيؤدي الى هجرة الاستثمار المحلي وتراجع الاستثمار الاجنبي الذي هو متراجع اصلاً ؟
واخيراً .. كيف ولماذا تم اختيار ترتيب مواقيت الاجراءات غير الضريبية من رفع لاسعار المحروقات واسعار الكهرباء بعد اضراب الاربعاء مباشرة وقبل يوم جمعه وفي شهر رمضان الذي ينتهي بيوم العيد وكلها مواقيت حرجة اقتصادياً لمحدودي الدخل مستفزة لهم وترسل اليهم دعوة صريحة للخروج الى الشارع ؟
ما بقي مما قد يبعث على الأمل هو ما قدمه الشعب الاردني للعالم في احتجاجاته حتى اللحظة درساً ينطوي على مفارقة ووعي فارق عندما التقط الحكمة يوم غابت عن القرار الرسمي ، فجاء الاحتجاج في اغلبه حتى الآن وطنياً في تحضره وانضباطه وكذلك في نوعية سقف الشعارات التي رفعها وحرصه على النظام وتفاعله مع قوى الامن .
الحكمة هي ما ينبغي ان تكون ضالتنا اليوم رسمياً وشعبياً . حكمة تفضي بنا الى نهج جديد كان ينبغي ان يستمر على غرار ما بدأ عام 1989 لكنه ما لبث ان انطفأ بمجلس الصوت الواحد عام 1993 الذي أُفسد بالرواتب التقاعدية وهدايا السيارات ما ادى الى تراجع الحياة النيابية وصولاً الى تزوير الانتخابات عام 2007 ودون علم الحكومة وحتى وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم .
لا بد من حكومة انتقالية اليوم تفتح حواراً جامعاً للوصول الى برنامج وطني تهتدي به الحكومات القادمة وتلتزم به التزاماً كاملاً لنودع كل ما افقد صانعي القرار من حكمة وننطلق الى افق مختلف يكون لصوت الحكمة والشعب فيه دور التوجيه والقيادة.