رغم أنني
فإذا كنت مثلا لا حصرا تعتقد بوجود الجنة في الآخرة فإنه يتوقع منك أن تعتقد بوجود جهنم، وإذا كنت تعتقد بوجود الجنة فإنك قد تسعى إليها بالعمل الصالح وقد تنأى بنفسك لأجلها عن العمل الطالح.
وإذا كنت تعتقد بوجود الحسد فيفترض بك أن تتبع أية وسيلة لتحمي بها نفسك من شروره ومآسيه، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.
ومن الوسائل التي قد يتبعها البعض ممن يعتقدون بوجود الحسد للذود عن أنفسهم من حسادهم هو تقليد أعناقهم بالخرزة الزرقاء.
لكن، لماذا يعتقد بعض الناس بالخرزة الزرقاء خير وسيلة لدرء الحسد عن أنفسهم؟ وهل الاعتقاد بالخرزة الزرقاء هو الذي يغلف النفس بغلاف يحميها من شر حاسد إذا حسد أم أن الخرزة الزرقاء نفسها بغض النظر إن كان يعتقدون بها أم لا هي التي تصون النفس من تمتمة الحساد؟ وإذا كان لأحدهما الفضل في وقاية المحسود من الحاسد؛ فهل من تفسير علمي لذلك؟
في مضارب قبيلة الفيزيائيين طاقة تسمى طاقة وضع الجسم، وهي الطاقة الكامنة فيه نتيجة ارتفاع أو انخفاض الجسم عن مستوى معين، وهي التي تحسب بضرب وزن الجسم في الارتفاع الذي يرتفع به الجسم عن ذلك المستوى أو ينخفض عنه. وكلما ازداد وزن الجسم لسبب ما أو آخر ازدادت طاقته، والوزن قوة في عرف قبيلة الفيزيائيين. وكلما ازداد ارتفاع الجسم أو انخفاضه عن مستوى معين، ازدادت طاقته بالقيمة المطلقة لها.
ولربما لا أخطئ القول إذا ما عبرت عن عقيدة الانسان بالطاقة الكامنة في أعماق عقله الباطن! والايمان بتلك العقيدة هو ما يناظر الوزن في الأجسام! وكلما ازدادت قوة الايمان، ازدادت طاقة العقيدة!
وإذا اتخذنا من العقل الأسير في سجن العادات والتقاليد الاجتماعية مستوى معينا نقيس منه عمق إيمانك بالخرزة الزرقاء مثلا؛ فإنه كلما ازدادت قوة إيمانك بالخرزة الزرقاء، وازداد عمق إيمانك بها مبتعدا أكثر فأكثر عن عقلك الأسير تزداد طاقة عقيدتك بالخرزة الزرقاء! والطاقة موجات في عرف عشيرة من عشائر قبيلة الفيزيائيين، وهذه الطاقة هي التي تحميك من موجات الحسد، ولا يفل الحديد إلا الحديد! (أنظر مقالة "الحسد" لكاتب هذه السطور على الرابط التالي: https://www.ammonnews.net/article/376727).
ومن الجدير بالذكر أن التفسير العلمي أعلاه ما هو إلا اجتهاد شخصي مني يحتمل الخطأ بمقدار ما يحتمل الصواب، وليس بالضرورة أن تقتنع عزيزي القارئ بهذا التفسير، لكن من الضرورة بمكان أن أشير هنا إلى أنه لا يوجد ما ينقض التفسير أعلاه أو ما يثبته، ولذلك يبقى هذا التفسير مجرد فرضية بحاجة إلى برهان قاطع ودليل ساطع على مطابقتها لواقع الحال أو عدم مطابقتها له.
وعليه، فإنني أكاد أجزم بأن قوة العقيدة بأي شيء تعتقد به سواء كان ذلك الشيء خرزة زرقاء أم سن ذيب هي التي تحميك من الحسد وليس الشيء الذي تعتقد به هو الذي يذود عنك من الحسد سواء كان ذلك الشيء خرزة حمراء أم سن حمار! (أنظر مقالة "قوة العقيدة" لكاتب هذه السطور على الرابط التالي: https://www.ammonnews.net/article/319748).
على هامش المقال:
نقرأ في كتاب "سيرة مدينة: عمان في الاربعينات" لمؤلفه عبدالرحمن منيف، ص72: "كان الشيخ حافظ يكتب أوراقا تتضمن آيات وأدعية، ولا تخلو من أرقام ورموز. بعد أن ينتهي من كتابتها يضعها في غلاف جلدي يحسن صنعه، وكان أهل المريض، في أحيان كثيرة، يضيفون إلى الحجاب خرزة زرقاء وشبة، وفي حالات معينة سن ذيب".