مابين إضراب الأربعاء وحراكات الجمعة
عمر الرداد
03-06-2018 03:59 AM
أسهم قرار زيادة أسعار المحروقات ،وفقا للتسعيرة الحكومية الشهرية ، في رفع منسوب حدة ردود الفعل في غالبية مناطق المملكة يوم الجمعة، خاصة وانه جاء بعد إضراب الأربعاء"الناجح" الذي دعا إليه مجلس النقباء المهنيين،احتجاجا على تعديلات ضريبية ،يعتقد كثيرون أنها مجحفة بحق المواطن، وستطال كافة الشرائح بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ما حدث الجمعة كان نقلة نوعية مقارنة مع إضراب الأربعاء ،من حيث أولا: في الوقت الذي قاد فيه النقباء احتجاجا بالية جديدة "الإضراب" تحت عنوان محدد هو الضريبة،جاءت زيادة أسعار المحروقات لتصب الزيت على النار، وتقدم عنوانا شكل قاسما مشتركا لقطاعات أوسع ،ثانيا : انزياحات بحراك الجمعة باتجاهات غير سلمية في بعض المناطق، رغم أن الصورة العامة للحراك بقيت في إطار السلمية التي تأسست بإضراب الأربعاء، وثالثا:شعارات أصبحت معها قضية الضريبة قضية فرعية، أعادت التذكير بالشعارات الحراكية التي كانت تطرح منذ عام 2011، ورابعا:نقل الحراك من المركز إلى الأطراف، تلك الأطراف التي لم تشارك في إضراب الأربعاء ،ربما لقناعات أنها غير مشمولة بمشروع الضريبة.
حراك الجمعة وتداعياته،أرسل رسالة واضحة بتجاوزه ثلاثية أطراف الأزمة ،بالمستويات القيادية : الحكومة ومجلس النواب ومجلس النقباء المهنيين،وطرح مجددا مقاربات "اعتراضية" على الحلول المطروحة، في ظل ثقة مترنحة بمجلس النواب من جهة ،وثقة غير يقينية بمجلس النقباءالمهنيين، وإمكانية مواصلة التمسك بموقف رافض لمشروع الضريبة .
اخطات الحكومة بإدارة الأزمة ، فقد كانت رسالتها الإعلامية بائسة منذ أقرت مشروع قانون الضريبة ، رغم" مشروعية" القرار واستهدافه للدخول العالية وان تطبيقاته ستسهم بتقليل الفساد في ظل تهرب ضريبي واسع من قبل "الحيتان" واخطات في عدم التقاط الإشارة من الإضراب الذي تم تنفيذه الأربعاء، بفتح حوار جدي مع النقابات والفعاليات والنواب ،ومنحهم هامشا من المناورة ،وعدم الاقتراب من زيادة أسعار المحروقات ،بما يفضي لظهور صوت ثالث ، يمكن أن يسهم بإيجاد قناعات جديدة، وظهرت الحكومة بموقف انها على طرف في خصومة مع كافة الإطراف الأخرى.
واضح اليوم أن قوى كثيرة تحاول اللحاق بالشارع وشعاراته، وأول هذه القوى جماعة الإخوان المسلمين ، التي وبعد مواقف شهدت "ليونة" انتقلت للمطالبة بحكومة إنقاذ وطني وانتخابات مبكرة وغيرها من المطالب التي لم يخرج الشارع لأجلها، فيما تحرك مجلس النواب بمذكرة السبعين نائبا لرد مشروع قانون الضريبة، ويبدو ان مجلس النقباء أدرك ضرورة فصل مطالبه عن مطالب الشارع فأعلن انه سيوقف الفعاليات الاحتجاجية بحال قيام الحكومة بسحب مشروع قانون الضريبة.
إلغاء قرار زيادة أسعار المحروقات وما يتردد حول النية لسحب مشروع الضريبة ،بلا أدنى شك سيسهمان في تخفيف حدة الغضب الشعبي على قرارات الحكومة،رغم أن مطالب بعض قوى الشارع أكثر من هذين المطلبين، وهو ما يتطلب من مؤسسات القرار اجتراح حلول غير عادية، جوهرها تفكيك إشكالية عدم القدرة على الخروج من متطلبات صندوق النقد الدولي ،والموازنة بين القرارات الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية والأمنية ،يسبقها حوار وطني شامل بين كافة القطاعات المعنية ،يأخذ خلاله بعين الاعتبار، حجم الضغوط التي يتعرض لها الأردن ،وان الأزمة الحالية عابرة للحكومات، والخروج من خيار "الجباية" في السياسات الحكومية، ومفاهيم الدولة الريعية ،في ظل أحاديث عن قضايا فساد كبرى،وإقناع الشارع بمعايير التسعيرة الشهرية للمحروقات، وانسجامها مع أسعار النفط عالميا، وضرورة أن يدرك الشارع أن تغيير الوجوه في أية تغييرات محتملة لن تسهم بحلول سحرية للازمة الاقتصادية، خاصة وان قوى طامحة وشخصيات بدأت تروج أنها بدائل محتملة قادرة على معالجة الأزمة.