ورثتُ عن رحمة الوالدة حبي للامثال الشعبية. وأحيانا أشعر أن مثلا يأتي في وقته أشبه بحصولك على «شيك بألف دينار».
تماما كما كان يقول «أبو بديع» وهو احد كبار عائلتنا التي أوشكت على الانقراض «يا خالي عندي سحبة الخيط من الشختورة، مثل سحبة شيك بمئة ليرة».
وكان مبلغ المئة دينار وقتها يساوي الشيء الكثير، يعني «ثروة».
كانت أُمي حين تطبخ طبخة ولا تعجب أبي، «تفقعه» مثلا شعبيا، تبرّد به النار التي فيها. ومن ذلك «والله تحيّرنا يا قَرعة».
كنا صغارا ولا نفهم من هي «القَرعَة» ولماذا تحضر دائما في أمثال السيدة الوالدة، كلما «دق الكوز بالجرّة».
ولكننا، وبعد أن بلغنا من الكِبَر عِتيّا، واجهنا الكثير من الكائنات ممن ينطبق عليهم «المثل» إياه، وبخاصة حين لا يستطيع الواحد منا الرد على الشخص الذي «يُحيّرنا ويغلبنا»، سواء كان رجلا بشنبات او امرأة «بعضلات» أو «أي إضافات».
وأشعر في مثل هذه الحالات وما اكثرها، أن كلام رحمة الوالدة، كان له «عازات»، أي «مناسب تماما». وأن «القَرعَة» التي كانت تستحضرها الوالدة، صار لها أبناء وأخوات ونسايب وخالات..
المصيبة، ان «القرعة» تدخل وتتغلغل في تفاصيل حياتنا، منذ ان نصحو وحتى في أحلامنا تطاردنا. ولكثرة ما صرتُ أحلم بأحد الكائنات من «أحفاد القَرعَة»، وهو «كابوس» ثقيل الدم، فأصحو مرعوبا، اقترحت عليّ زوجتي ان أضع «مقصا» تحت الوسادة، وكلما جاءتني صورة «الشخص»، أخرجتُ له المقصّ، ونتفتُ ريشه.
المشكلة أنني أحتاج الى الكثير من المقصّات، أحتاج الى مساعدة صديق.
مين فيكم «صديق» ؟.
الدستور