"تقرير المياه": من يحاسب المقصرين!
سميح المعايطة
29-04-2009 01:32 PM
كما أنّ أيّ فعل نيابي غير إيجابي يواجه بالنقد فإن الممارسة الإيجابية يجب أن تأخذ حقها من التقدير. ومن هذا تقرير اللجنة النيابية، الذي اعلنت عنه اللجنة قبل ايام، وهو تقرير تعامل مع التلوث الذي حدث في مياه اردنية قبل اسابيع. ولأننا نعلم طبيعة الممارسات الإسرائيلية فإننا نتفق معها على تحميل إسرائيل ما عليها من مسؤولية، لكن هناك ايضا تقصير وتعامل غير مناسب من الجهات الحكومية المعنية، وهي وزارة المياه وعلى رأسها الوزير الذي يتحمل مسؤولية سياسية وفنية وتتحمل الحكومة كإطار سياسي مسؤولية سياسية مباشرة.
وكما أشار التقرير النيابي، فإن ضرراً لم يلحق بصحة الأردنيين، لكن هذا لا ينفي التقصير. الوزير والأمين العام لسلطة المياه لم يتحركا لزيارة محطة زي، وهي المحطة المزودة بشكل اساسي لعمان بالمياه، ولم يقوما أيضاً بزيارة قناة الملك عبدالله ومواقع اليرموك فماذا يسمى ذلك؟! رغم أنّ الأصل أن يكون المسؤولون في الميدان من دون مشكلات، فكيف عندما تكون هناك مشكلة تهم ارواح وصحة الاردنيين؟
يقول التقرير النيابي إنّ اداء الفنيين كان جيدا، وكان لهم دور في الكشف المبكر عن التلوث. لكن الخلل، كما سجله التقرير، وكان ملاحظا خلال فترة القضية وتمحور حول دور كل من الوزير وامين عام السلطة اللذين، كما قال التقرير، كانت ردة فعلهما على التلوث ضعيفة ومتأخرة، ما أدى إلى دخول المياه الملوثة إلى قناة الغور الشرقية وخسارة الأردن لكميات من المياه، وسفرهما خلال فترة الأزمة إلى الخارج، وهو سفر وصفته اللجنة بأنه غير مبرر، كان له أثر بالغ في خلق حالة الإرباك بسبب غياب المعلومة الصحيحة وتضارب المعلومات.
التقرير النيابي مهم، إذ حدّد المسؤولية وأعطى الفنيين الذين أدوا واجبهم حقهم من الإنصاف ودان الممارسات الاسرائيلية. لكن تقصير الوزير وأمين عام السلطة كان واضحا وسجلته اللجنة، التي طالبت بمحاسبة المقصرين. ويفترض بالحكومة أن تحترم هذا التقرير من المؤسسة التشريعية وأن تحاسب الكبار الذين ثبت تقصيرهم، لأنه لو كان التقصير قد ثبت بحق الفنيين لسمعنا أن الحكومة تبادر إلى محاسبة المقصرين حتى تثبت شفافيتها، لكن الوزير وأمين عام السلطة هما المدانان من اللجنة النيابية، فماذا اتخذ الرئيس من اجراءات لاحترام حق الناس في مياه غير ملوثة ولاحترام تقرير وتوصيات اللجنة النيابية؟!
وهنالك مسؤولية أخرى على رئاسة الحكومة، التي كان عليها منذ الأزمة والمشكلة محاسبة نفسها، لأن الرئيس هو المسؤول المباشر عن اداء الوزير والوزارة. وإذا كانت الحجة في انتظار تقرير اللجنة، فالتقرير قد صدر وفيه إشارات واضحة لمواضع التقصير.
للتاريخ، فإنّ التعديل الذي جرى على الحكومة السابقة بعد تلوث المنشية والشاورما كان في قضايا اقل اثرا من هذه الحادثة، التي كان يمكن لولا لطف الله تعالى ان تسمم مياه عمان كلها، وتمت حينذاك معاقبة وزيرين ومحاسبة سياسية، وجرى التعديل.
إذا لم يشعر المواطن أنّ هناك حساباً ومتابعة نحو أي مقصر، وبخاصة من الكبار، فإن فكرة المساءلة واحترام القانون بحاجة إلى انقاذ. وإذا كان تقصير الحكومة والوزير وامين عام السلطة ثابتا بموجب لجنة تحقيق، فإنّ أدنى قواعد المساءلة وتكريس دولة القانون أن تتم محاسبة من تثبت عملية التقصيربحقهم.
sameeh.almaitah@alghad.jo