قدم الأردنيون على مدار اليومين السابقين واحدة من أجمل الصور وأنقاها ليعبروا عن حبهم وولائهم لوطنهم الغالي وقد رأيت من مظاهر للجمال فيما تابعته من تواجد لمختلف الأردنيين في مختلف مناطق المملكة، يجب التوضيح ولفت نظر المسحجين بشكل خاص بمختلف أشكالهم وألوانهم أن ما قام به الأردنيون هو حق مشروع لهم كفله الدستور فعدا عن المادة 24 والتي كفلت أن الأمة هي مصدر السلطات فإن المادة 15-1 قد أكدت على حق الأردنيين بالتعبير بكافة الوسائل شريطة أن لا يتجاوز ذلك حدود القانون وقد أكد الأردنيون في الغالبية العظمى من الحالات عن إحترامهم لدستورهم ولقوانيهم السارية، بالتأكيد هناك عدد ضئيل جداً ممن سبب الضرر للآخرين بتظهاراتهم ولكنني على يقين بأن ما حصل من هذه الأقلية بأن الأيام القادمة كفيلة بتصحيح ذلك وتغيير مسار هذه الأقلية من قبل الأغلبية التي عبرت بشكل حضاري عما يدور بخلدها وقلبها.
وقد عبرت هذه الإعتصمات عن ظواهر ومناحي إيجابية كثيرة يسعد لها كل أردني مخلص:
أولاً: درجة النضوج عند المشاركين فمجرد إلتزامهم بدستورنا والقانون هي أولى الإيجابيات التي تظهر للعيان، لا تخريب لا إضرار بمصالح الآخرين والتعاون مع إخواننا في الأجهزة الأمنية والقيام بتنظيف الساحات بعد الإنتهاء من الإعتصامات، جميع ذلك هو دليل على نضوج جماهيرنا، أتمنى أن يتبع ذلك نضوج وإحترام في سلوكاتنا اليومية، هناك ما زلنا بحاجة للكثير، كانت هناك درجة كبيرة من الإلتزام تجاه الوطن برهنها الأغلبية العظمى من المشاركين.
ثانيا": العفوية في خروج الجماهير، الجماهير لم تخرج لأي تدخل أو دعوة قادمة من خارج الوطن، بل خرجت بعفوية مطلقة لأنها لم تعد تتحمل لما يقع لها بشكل يومي من سلب للقمة العيش وضآلة الإمكانيات المادية وذلك بسبب السياسات الإقتصادية التي تتبعها الحكومات بإعتمادها بشكل كلي تقريباً على جيب المواطن، كل ذلك حرك المواطنين بشكل عفوي
ثالثاً: هذا الشكل العفوي أثبت بما لا يدعوا مجالا" للشك عن وحدة الأردنيين، فقد خرج الأردنيون في الأيام السابقة في مختلف مناطق المملكة، لم يكن مهماً ليلة أمس الأصل والمنبت ولم يكن مهماً النادي الذي تشجعه، ما كان مهماً أمس هو الأردن والحرص على وحدته وعلى وجود العدالة والمساواة وبالتالي هو الحرص على الوطن بذاته وعلى جميع مكوناته
والشيء الجديد وهو رابعاً مقدار التضحية الموجود عند الإردنيين، فعدا عن الساعات التي قضوها في إعتصماتهم وذهابهم إلى أماكن الإعتصام من أجل المصلحة العامة تثبت مقدار التضحية الفردية الموجود عند أبناء شعبنا من أجل الوطن
هذه المظاهر الإيجابية وعدم تجاوز الخطوط المرسومة من الدستور تشكل ظاهرة من الوعي لدى مواطننا سيلجأ لها بكل سهولة في المستقبل حرصاً منه على مصالح الأردن وجميع الأردنيين.