"دولة غزة" ونظرية غيورا إيلاند!
رجا طلب
01-06-2018 09:18 PM
وصفت في مقال سابق لي قبل شهرين "غيورا آيلاند " بأنه الأب الروحي لما أطلق عليها لقب "صفقة القرن"، وللذين لم يسمعوا باسمه من قبل، فهو لواء احتياط بالجيش الإسرائيلي ورئيس سابق لمجلس الأمن القومي وشعبة الاستخبارات العسكرية "آمان " ، وسياسياً هو قريب جداً من تفكير نتانياهو وتحديداً في موضوع التسوية مع الفلسطينيين. إيلاند من المؤمنين بأن إسرائيل لا تستطيع المجازفة بقبول أية حلول أو تسويات سياسية تقدم فيها أراضي للجانب الفلسطيني وتحديداً في الضفة الغربية.
وانطلاقاً من هذه القناعة قدم آيلاند تصوره الاستراتيجي لحل القضية الفلسطينية والقائم على مبدأ الحل الإقليمي في عام 2009 بعد فوز نتانياهو بالانتخابات والذي سيشمل بالإضافة إلى إسرائيل والفلسطينيين كل من مصر والأردن والسعودية، ومن أبرز نقاط هذا الحل ما يلي:
أولاً: توسيع مساحة غزة إلى ثلاث مرات، بضم 600 كيلومتر مربع من سيناء للقطاع، لتكون هناك فرصة لبناء مدن جديدة للفلسطينيين في سيناء مع إقامة ميناء بحري ومطار دولي، مما يحقق تنمية اقتصادية حقيقية للفلسطينيين.
وتشمل الخطة ضم المساحة المذكورة، لتتجاوز مساحة غزة في حدود 1967، في مقابل منح مصر 600 كيلو من صحراء النقب في جنوب فلسطين المحتلة.
ثانياً: يرى "آيلاند" أن عدد سكان قطاع غزة يبلغ أكثر من 1.6 مليون نسمة –وقت وضع الخطة عام 2009 في مساحة صغيرة نسبيًا، وتوقع أن يصل إلى 2.5 مليون نسمة بحلول 2020، وإن هذه المساحة الصغيرة جداً لن توفر الحد الأدنى لإمكانية قيام دولة فلسطينية في غزة.
هذه الرؤية اتبعها آيلاند بمقالة مهمة للغاية نشرت يوم الخميس 31/ 5/ 2018 تحت عنوان "على إسرائيل أن تتعامل مع قطاع غزة بصفته دولة مستقلة في كل شيء" في صحيفة "يديعوت احرونوت "، وخلاصة ما ورد في المقالة هو تعزيز لنظريته القائمة على أن الدولة الفلسطينية العتيدة التي يمكن أن تكون خلاصة التسوية يجب أن تكون في غزة، ويعتقد أن هذه الدولة قائمة من الناحية العملية حيث يقول عنها: "لديها حدود واضحة، وحكومة مستقلة، وسياسة خارجية، وجيش. وهذه كلها تُعتبر من سمات الدولة، فضلاً عن ذلك فإن حكومة غزة، بقيادة "حماس"، انتُخبت في انتخابات ديمقراطية نسبياً سنة 2006، وهي ممثلة أصيلة للسكان هناك".
تعد الملاحظة السابقة من قبل آيلاند بشأن انتخاب قيادة حماس في انتخابات ديمقراطية بمنتهى الخطورة، فهي تمهد سياسياً وقانونياً لعقد صفقة كبرى بين حماس وإسرائيل في إطار "صفقة القرن"، وإعطاء الحركة شرعية سياسية وجماهيرية تمهيداً لنزع الشرعية بالكامل عن السلطة في الضفة الغربية، فايلاند ومن ورائه إسرائيل غير معنيين بقضية الشرعية، والأمر الجوهري والحساس كما قال آيلاند في ذات المقالة هو المصلحة وبخاصة المصلحة الأمنية ويشخص ذلك بقوله إن سياستنا حيال غزة يجب أن تكون مؤسسة على المصالح فقط، ويقف في صلب هذه المصالح الاعتبار الأمني فقط، وهو ضمان عدم إطلاق صواريخ علينا، وأيضاً عدم امتلاك الفصائل الفلسطينية قدرات قتالية متطورة في المستقبل، وفي المقابل فإن مصلحة حركة "حماس"، في ظل انعدام قدرتها على تدمير دولة إسرائيل، تتمثل في استمرار السيطرة على القطاع، ولهذا الغرض فإن الحركة بحاجة إلى شرعية دولية وإلى موارد تتيح إمكان تأهيل البني التحتية المنهارة .
مما سبق ونظراً لأهمية إيلاند كمفكر استراتيجي وتأثيره على صناع القرار داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية نستطيع استنتاج ما يلي:
أولاً: هناك نية واضحة لإعادة تأهيل حماس سياسياً وقانونياً وتخفيف الأعباء المعيشية العامة في غزة، وإعادة بناء وتأهيل البنى التحتية للقطاع وذلك ضمن مشروع "دولة غزة ".
ثانياً: تأهيل حماس سياسياً وقانونياً، وتأهيل القطاع معيشياً، سوف ينهى أية فرصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني، وأية محاولات للمصالحة بين فتح وحماس.
ثالثاً: لا مجال لقيام "دويلة حماس في غزة"، بدون ضوء أخضر مصري وتفاهم إقليمي يضم الأردن والسعودية وتركيا وهذه مسالة بحاجة لتوافق إقليمي وبحاجة لوقت ليس بالقصير.
24