كُنْ سَنَداً لروحِك يا صاحِ!
سليمان الطعاني
31-05-2018 02:41 PM
أنتَ بائسُ يا صاح! أما وقد ابتليتَ بقلبٍ تُبَعثرُه كلمةٌ وتجمعُه كلمةٌ وتحييه آيةٌ ويشجيه لحنٌ ويأسرُه دعاءٌ ويمزّقه مشهدٌ قديم، أنت متهم يا صديقي ولكنك لا تفهم نفسك وربما لا أحد يفهمك أو أنهم يتجاهلون! أثقلتك المزعجات من الليالي، وقتلك الخذلان، وماتت اللهفة عندك ولم تعد تستهويك التجربة، أبجديتك واسعة يا صديقي لكن الحوار لديك قد اهترأ....
كم كنتَ تحاولُ يا صديقي أن تكونَ مهماً لهم، أو أن تكون بطلاً ولو في قصة واحدة على الأقل، أو أن تكون في مخيلة أحدهم مرّة واحدة على الأقل! كانت هزائمك دائمة ومستمرة على طول الطريق، بطولاتك الوحيدة كانت في التجاوز فقط !! وكنتَ بحاجة إلى شهود إثبات على الدوام، ولو شاهد واحد، ليؤكد لك قبل أي أحد بأنك لستَ شَبَحَاً في هذه الدنيا، وأن أفعالك ليست كأقوالك!
كل الذين أصرّوا على صلابتهم وعنادهم، انكسروا في النهاية، ولم يجدوا أحداً حولهم، ذلكَ أنهم استبسلوا في استنفاذ صبركَ وفرصتكَ معاً، اقتلعوا جذور مودتك من الأعماق. يظنون أنهم محور الحياة بأكملها وأنّ الشمس لا تدور في غير أفلاكهم، لا يدركون أن الحياة ليست سوى فقدانٌ بطيءٌ لكلّ شيء، كلُّ الأشياء من حولنا تشيخ وتمرض ثم تموتُ للأبد، قصيرةٌ هي الحياة، إنها شيق قد لا يتبعه زفير، ثم تُجزى كلُ نفسٍ بما كَسَبتْ!
يبدو أنه كلما ازداد الانسانُ براءةً وعفويةً ازدادتْ تعاستُه، لو أنني أعرف كلمة أعمق من كلمة " انطفأت " لقلتها، أنا لم أشعر من قبل بانطفاء روحي مثلما أشعر به الآن، جُرحي لا يُعالجُ بالاعتذار، الاعتذارُ قد يكون حين تتأخر عن موعد، أو تغيبُ عن اجتماع، تتصلُ برقم خاطئ، لكنه لا يجدي عندما توشكُ على قتل أحدهم... إنني أحسّ أنّ قلبي قد طُعنَ إلى الأبد، أحسُّ انه بحاجة الى ترميم لكثرة الطعنات التي تعرض اليها .. عاشَ حتى رأى أشياء مرعبة من صنع البشر، تتخطى القدرة على الاستيعاب ... عاش وهو يبصم بالعشرة لأناس لا يستحقون.
كن سنداً لروحك أيها القلب، اتكئ على بعضك وانهض من جديد، لا تكن مكشوفاً وتختلط بأكملك مع الناس، احتفظ لنفسك ببعضٍ منك، ولا تبصم لأحد بالعشرة كعادتك، حبّذا لو تترك اصبعاً واحداً على الأقل، فقد تحتاجه لتعضّ عليه ندماً يوماً ما. حافِظ على غرابَتك أيّها القلب، لا شَيء أسخَف مِن أن تَكون مَألوفا ًلدى الناس ولو كانوا ذوي قربى، فإني أخاف عليك التعبَ وتهرب من جسدي وتترك خلفكَ كهفاً تنامُ فيه تلك الوحوش. سلاماً يا قلبُ على الذين استهلكوكَ فأهلكوكَ، أخاف أن لا جديراً بالمعاناة!