قانون الضريبة: ماذا على المحك!؟
د.مروان الشمري
31-05-2018 01:38 PM
لم يعد خافيا على اي اردني حتى الأطفال والشيوخ بأن حكومتهم التي أقسمت اليمين كغيرها ممن سبقها في الدوار الرابع لم تعد ولا بنسبة ٥٠٪ تتحكم بملف الوطن الأهم في هذه الأوقات العصيبة على الوطن والمنطقة وان ما تقوم به كغيرها ممن سبقها ايضا هو تنفيذ اتفاقيات وشروط تم الالتزام بها لصندوق النقد الدولي والذي عاث هو ورجاله خرابا ودمارا في الاقتصاد الوطني الاردني لعدة أسباب سأذكر ابرزها وهي فساد الكثير من المتحكمين باقرار السياسات الاقتصادية وافتقار البعض منهم لابسط مقومات الفهم الحقيقي لمعنى تكييف اي اتفاقية لتتناسب مع سمات البلد الموقع عليها ولافتقاد الحكومات جميعها وخصوصا من حكموا ملف الدولة الاقتصادي لاي رؤية عملية حقيقية وبرنامج ونموذج اقتصادي محلي قائم على البناء على ميزاتنا التنافسية واستغلال ما تسلمته الدولة من قروض ومنح سابقة لبناء اقتصاد إنتاجي ناهيك عن كوارث القطاع العام من ترهل وانفاق دون انتاجية وضعف القطاعات الاقتصادية الأهم في اي اقتصاد ومنها التكنولوجيا والمعلومات والقطاع المهني الحرفي وشبه الوفاه السريرية لقطاع الزراعة واحتكار معظم هذه القطاعات من عشرين عائلة تقريبا وضعف وتردي قوانين وبيئة الاستثمار وانعدام ابسط مقومات الجذب الاستثماري لرأس المال الأجنبي وهي البنى التحتية وعدم الاهتمام بتحسين بيئة الاعمال الصغيرة في المحافظات الا من رحم ربي او من كان له دعمة عند اصحاب الحظوة وأضف لذلك ضعف مجلس النواب الذي أنتجه شعبنا والذي يتحمل مناصفة مسؤولية ما وصلنا اليه، أستطيع ان أسهب في كل تفاصيل ما ذكرت ولكن اكتفي بالقليل وبإمكان القارئ الإفادة من عديد المقالات بهذا الشأن لي وللزملاء الخبراء في معظم صحف ومواقع الأخبار.
ما أردت الحديث عنه هو تداعيات وارهاصات القانون الضريبي المفترض والمقدم من صندوق النقد عبر حكومتنا والتي تصر على عدم سحبه.
اول تلك التداعيات وأبرزها بعد الاجماع المطلق لجماهير الشعب الاردني برفض القانون هو بروز منصة قيادية جديدة تؤطر معارضة الشعب الصامتة طويلا والمتكلمة أخيرا وهي النقابات المهنية والتي نجحت بامتياز في اقتناص الفرصة التاريخية والتي قدمتها الحكومة على طبق من ذهب لتلتقطها النقابات بذكاء وتتحد لتطلق صرخة الرفض المطلق للقانون وتطالب بسحبه. هنا نذكر ان الالتزام الشعبي الكبير ومن كافة شرائح المجتمع بالإضراب كانت الداعم الاقوى لتقديم النقابات على انها البديل الأنجح للأحزاب الخاربة والتي لم تنجح في الكسب الحزبي الجماهيري المعتبر عبر سنين باستثناء تنظيم الاخوان، ولكن دعونا نذكر ان الاخوان بعد خسارتهم نقابة المهندسين ربما ليسوا الأسعد بنجاح النقابات ورموزها الجديدة في تنظيم الإضراب وتصعيدهم الذي بدا يكسب صدى شعبيا ودعما واسعا في قطاع الشباب الذي اذا نجحت هذه التحركات ربما سيتذكر للأبد ان النقابات المهنية هي من تصدت ولأول مرة باقتدار لحكومات الجباية.
هنا نذكر ايضا الصحوة الشعبية الكبيرة والتي تمثلت في المواقف الصريحة برفض مطلق للقانون وفِي التعبير الحضاري والملتزم عن الرفض وممارسة حق الإضراب بشكل منظم وملتزم وباحترام كامل للقانون والمدنية.
نذكر ايضا بابتهاج الانخراط الشبابي الكبير وهو ما يمثل رسالة خوف وقلق وأرق من شباب الوطن وعماد مستقبله بأنهم قد سئموا الوعود الكاذبة وسئموا سياسات الجباية وسياسات التعامل مع شعبهم على انه قطيع لا يؤخذ رأيه ولا يعتد بمواقفه في كثير من تصرفات حكوماته والشباب اذ يعبرون عن مواقفهم فانهم يستمدون عزمهم من قائد البلاد والذي عبر عن دعمه لهم في اكثر من مناسبة.
هنا تبرز رسالة اخرى وهي المواجهة النقابية الحكومية وما هو المدى الذي تستطيع النقابات الذهاب اليه في هذه المواجهة وما هي أدواتها؟ وهل تملك الحكومة قرار رد القانون وتعديله جوهريا بما يخالف تعليمات صندوق النقد؟ واصلا هل تملك حكومتنا برنامجا وطنيا اقتصاديا حقيقيا يستطيع تعويض المصائب الكبرى في وصفات صندوق النقد وهل لديهم الرغبة في ذلك، وهل من حكموا ملف الاقتصاد وهم نفس الشخوص وعلى رأسهم عماد فاخوري كبير مفاوضي صندوق النقد ومن يتحكم باموال القروض والمنح هل هؤلاء قادرون على اضافة شيء جديد بعد ان خلدوا في مواقعهم سنين طوال وكرة الأزمة الاقتصادية تتدحرج أمامهم وبسببهم حتى كبرت وغدت خطيرة جدا؟! وهل ستسمح الحكومة بانتصار الإرادة الشعبية لتكون سابقة تنبئ بان ما بعد الإضراب لن يكون كما قبله وبان شعبنا استعاد عافيته وقدرته على ممارسة حقوقه الدستورية وانه لن يتوقف حتى يتم استعادة كل ما سلب منه سواء كان معنويا او ماليا؟ وهل سيبدا الفاسدون بالتحسس على رؤوسهم ؟
كل هذه الاسئله وغيرها ربما تكون الاصعب منذ سنين ولكن لننتظر ونرى ما تحمله الأيام ولأسابيع القادمة من مفاجات سارة وربما غير سارة! هنالك الكثير على المحك وما نتمناه هو ان تنتهي الأمور الى ما يرضي شعبنا ويخدم مستقبل الأجيال القادمة والتي ربما ستكون هذا اخر فرصة لهم ليثبتوا انهم الاحق بالكلمة وان قرار الوطن ليس قرار مجموعة وزراء حكموا مصير اقتصادهم سنين طوال واثقلوا كاهل الوطن بالديون وإنما قرار شعب الوطن شبابه وشيبانه ونساءه واطفاله ممن كرر وزير اعلام الحكومة في اكثر من مناسبة اتهاماته لهم دون أدنى اعتبار لكرامتهم.
حفظ الله الوطن وشعبه وقائده وجيشه واجهزته الأمنية وخلصنا الله من كل من تسبب في الوصول الى هذه اللحظة