تظهر احيانا خلافات في مجلس النواب. والناس ، حين يسمعون اخبار المجلس وحكاياته ، يصابون باكتئاب حاد ، وحين ينتقد الاستاذ خالد محادين المجلس ، يتم ارساله الى القضاء الذي نحترمه ، فتتم تبرئته ، لنعرف ان حق نقد مجلس النواب ، حق مكفول ، خصوصا ، ان سلطة مجلس النواب ممتدة الى كل مكان ، ومن حق طرف واحد على الاقل هو الصحافة ، ان تنتقد المجلس ، حتى لو شطح بعضنا ، خصوصا ، ان الشطح ليس حكرا على الصحفيين ، فقد رأينا من شطح النواب ، مرات ومرات ، خلال العقد الفائت.
صورة مجلس النواب الانطباعية ، في اذهان الناس ، تتشكل من عوامل عدة ، ابرزها ما يقوله ذات النواب ، عن مجلسهم ، وما يسربونه احيانا من معلومات واخبار ووثائق ، بل وما يكتبه نواب نجلهم ، واذا كان نقد النواب للنواب ، ونقد النواب القدامى للجدد ، ونقد التيارات لبعضها ، ونقد الرؤوس لبعضها ، يكون مقبولا ومفهوما ، فان نقد الاخرين يأتي نتيجة من نتائج هذا الجو ، ومن جهة اخرى فان من حق الناس للمرة المليون ان يعترضوا على طريقة انفاق مجلس النواب ، وعلى المياومات والسفر والمكتسبات الشهرية واعفاءات السيارات ، وغير ذلك من منح وهبات وعطايا ، كلها تثير العصب العام ، ومن المثير حقا ، ان يعتبر بعض النواب ، انهم كائنات مقدسة ، لا يحق لاحد ان يقترب منها ، وينسى بعض هؤلاء انهم تحت السؤال والجواب ، من الضمير العام ، وانهم ايضا ، يتخلون في كثير من الحالات عن الوعود التي اطلقوها للناس ، ونرى نوابا من المحافظات ، يهجرونها ، ويهجرون اهلها ، وتصبح عمان هي العاصمة المقدسة لهؤلاء ، فليس غريبا اذا ان تتجمع تفاصيل المشهد من داخل المجلس ومن ممارسات بعض النواب ، ومن رأي الشارع ، لتصب كلها باتجاه نقدي وحيد ، باتجاه المجلس ، وهي ليست قصة تسلط او تمادْ بقدر كونها تؤشر على مشكلة ما ، في علاقة المجالس النيابية ، مع الشعب.
خلال الاجازة البرلمانية ، لم نسمع عن اي جهد يحفر في الصخر ، من جانب نواب ، او مجموعات نيابية ، لصالح مهمات النائب الاساسية ، كم من نائب استغل الاجازة لتجديد دماء العلاقة مع دائرته ، كم من نائب استغل الاجازة ليبحث ويقرأ في القوانين والانظمة ، كم من نائب استغل الاجازة ضمن مسار منظم وجهد دؤوب نرى نتائجه خلال الدورة الاستثنائية العادية ، كم من نائب بلور مبادرة سياسية او اقتصادية او اجتماعية.. لا شيء ابدا ، من جانب الاغلبية ، وكأنها اجازة جمعة ، او اجازة يوم عيد.
لا يوجد حسد ولا تحاسد ، ولا كراهية ، تجاه شخص النائب ، كما سيفسر البعض ، فالقضية تتعلق بالاداء ، اولا واخيرا ، ومن حق الناس ، الذين اتعبتهم مشاكلهم ، ودوختهم الادارة العامة ، ان يجدوا طرفا يلوذون به ، وسط هذه المصاعب ، واذا كان الطرف الوحيد "المنتخب" يتعرض الى كل هذه الظروف ، فان الناس ، يفقدون الاطراف المعنوية الراعية لهم ، وفقا للدستور والقانون ، والاعراف ايضا.
لا احد مقدسا ، سوى الانسان الاردني ، وستة ملايين مواطن ، بخيرهم وشرهم ، وقوتهم وضعفهم ، هم اساس كل شيء ، في هذه الحياة ، وفي هذا البلد. أليس كذلك؟.
m.tair@addustour.com.jo