كانت امهاتنا الاميات اكثر دقة من ابنائهن المتخرجين من مختلف جامعات العالم حين اطلقن صفة الاستحلال بدلا من الاحتلال على ما جرى في فلسطين من النكبة الى النكسة، فالاستحلال له بعد ديني، اضافة الى ما تورط به بعض العرب من مواقف تثير حتى اشمئزاز الاعداء.
ففي التاريخ كله لم يحدث ان احترم عدو من خانوا ذويهم لاسترضائه، لهذا غالبا ما كان مصير المتعاونين مع الاحتلال مأساويا، ولما يسمى جيش لَحَد في هذا السياق حكاية تحولت الى امثولة!.
الاستحلال هو استباحة كل المحرمات وانتهاك الخطوط الحمر وبالتالي الدخول في مرحلة من التوحش المضاد للتاريخ، ما يحدث الان هو استحلال بالمعنى الدقيق، وليس مجرد احتلال لأن التنكيل بالضحية بعد قتلها يعبر عن سادية ودّعت الكوابح الاخلاقية والروادع القانونية الى الابد، ومن المفارقات ان كلمة محتل في لغتنا هي اسم فاعل ومفعول في الوقت ذاته، واذا استخدمت بلا سياق يوضح دلالاتها يختلط الامر فلا ندري من يحتل من، لهذا فان الاستحلال يبدد هذا الالتباس ويضيف الى احتلال بمعناه التقليدي بُعدا تاريخيا ودينيا، وما تشهده القدس الان هو مثال ساطع على الاستحلال وانتهاك المحرم بكل المعايير الدينية والدنيوية.
واذا كان هناك من لا يريد ان يفهم لأنه قرر ان يكون من غنائم اعدائه فذلك امر يخصه لكن عليه ان يدرك بأنه يحكم على ذريّته حتى الابد بما اقترف من عار وشنار كما ان اعداءه الذين قرر ان يلحس بساطيرهم سوف تأتي اللحظة التي يركلونه بتلك البساطير لمعرفتهم ان من يخون وطنه وتاريخه واهله لا يؤتمن على ذبابة!!
الدستور