الكمرات البشرية أشد مراقبة من الكمرات الالكترونية
د. ايمان الشمايلة الصرايرة
29-05-2018 02:02 PM
في هذا اليوم يخطر ببالي كثير من التعليقات التي أراها على مواقع التواصل الاجتماعي والتعليقات الصحفية والتعليق على من يملكون المشاريع والأموال ويملكون العقارات والذين يملكون النعم وعبر الاذاعات ونسمع الحديث عن أصحاب الأموال وأصحاب الخيرات، كل هذا جميل جداً، ولكن ما هو الموضوع؟، كيف أصبح مثلهم ؟ أو لماذا لم أصبح مثلهم؟ ومتى؟ وكيف؟.
هناك نوعان من البشر، قسم يعمل ويجتهد ويبدع ويعيش في نعيم، وقسم ينظر ويراقب ويتذمر ويلطم الخدود ويلقي تعليقات على الناجحين والمتمكنين مادياً ومعنوياً، هؤلاء دمار الأمة، ستجيبني هناك فساد وهناك من أخذ أموال الشعب وهذه الاسطوانات التي جعلت الكثير يقف عن العمل والانجاز وطرق كسب المال للعيش الكريم، وذلك حتى يجد لنفسه أعذاراً، أجيبك في كل بلدان العالم هذه الفئات موجودة ولا بد أن تقع تحت طائلة العدالة.
ولكن أسألك أنت ماذا فعلت لتحسن من دخلك وحياتك؟ القروض للمشاريع توخذ ليشترى بها سيارة أو قسط منزل، باسم مشروع أي استغلت للغاية الغير مرجوة فيها في تحسين الحياة، بإمكانك البحث عن عمل وثاني وثالث، وأن تدفع أبنائك للعمل بأي راتب حتى يكتسبوا الخبرات ويتعرفوا على السوق المحلي بدل أن يبقوا ينادوا على ديوان الخدمة وينتظروا الأدوار، ليس مهم أن يشتري من أو راتب هاتف ب (400) دينار وسيارة ولباس ماركات، المهم أن يثبت نفسه كفرد لديه دخل حتى لو كان بسيط ويعرف قيمة العمل والجهد فكما قال تعالى في محكم آياته :( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:( لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وإن الله تعالى إنما يرزق الناس بعضهم من بعض)، وقال أيضاً:( إِنِّي لَأَرَى الرَّجُلَ ، فَيُعْجِبُنِي ، فَأَقُولُ : هَلْ لَهُ حِرْفَةٌ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لا ؛ سَقَطَ مِنْ عَيْنِي (
وكما هو الحال مع سيدتنا مريم رضي الله عنها وهي في أشد مراحل المخاض طُلب منها أن تهز نخلة لا يقدر على هزها أربعة رجال، العبرة ليس بهز النخلة مع أن الله أنزل عليها التمر والماء، ولكن العبرة أن الرزق يأتي بالحركة، أنزلوا للميدان رجالا ونساء وأبحثوا عن سبل العيش وأثبتوا أنفسكم بالمؤسسات والشركات وخذوا الخبرة بدل أن نبقى نندب الحظ ونوجه الصيحات للدولة، كفانا كتابة قصائد الذم بمن فتح الله عليهم، فلا تعلمون كم تعبوا وسهروا وبحثوا وعملوا حتى يصلوا إلى ما وصلوا إليه وليكونوا مصدر إلهام لك للعمل، لا مصدر إلهام لك بالعويل والبكاء حتى أبواب الفقر والندب والتذمر.
ارتقوا بأنفسكم واطلبوا الله القوة لتنطلقوا ولتبنوا أنفسكم هذه دار عمل لا دار رخاء، واتركوا الآخرين ومراقبتهم فما حصلوا عليه هو نتاج جهدهم، ولكل مجتهد نصيب.