المجتمع المدني المتحضر يحتاج إلى تعاريف فضفاضة بقدر ما يحتاج إلى سلوكيات انسيابية يتخذها هذا المجتمع بتلقائية فطرية وإيمانٍ كبير بأهمية العيش الكريم وفق المفهوم الأكبر للحياة.

لنلتفت جلياً الى ما شهدناه من الأفكار الواردة والأفهام المغلوطة الصادرة كالسيل الجارف ، حيث تبنّت غالبية مجتمعاتنا رغبة حاضرها وطموحات مستقبلها وفق تلك النتاجات الخطيرة على جيل اليوم وأجيال المستقبل ، إذ قامت على إسقاط تفعيل العقل والاعتماد على شهوة القلب وعاطفته والتشبث بالانفعالات التي تهدم القيم وتؤدي الى مغالطات لا يحمد عقباها.

يجب حتماً أن نعي تماماً اننا بحاجة ماسة إلى إشاعة خطاب المراجعة وتقويم النفوس والأداء بعد التوصل إلى حلول عملية متسارعة لتخفيف حدّة خطاب الحياة المأزوم .. وبحاجةٍ أكبر إلى تجفيف منابع الافكار الدخيلة وقطع الطريق على عتاولة التخريب المنظّم لعقول ابنائنا قبل الحديث عن مواجهة أي فسادٍ أخلاقي ّ.

آن الآوان أن ندرك أن الانحراف القيمي والسلوكي هو الذي أوصلنا الى حالة إفلاسٍ أخلاقيّ.. ولولا ذلك ما تجرّأ أي معتوه على إفساد الاجيال بحماقات فكره الجاهلي الذي وصل إلى مرحلة مبتذلة لم نتوقعها على الاطلاق.

فكم نحتاج للغيارى الشرفاء من أجل الالتفات لقضايانا وشأننا الداخلي وامننا الاجتماعي ، والوضع الاقتصادي الحرج ، وان اختلفنا في الرؤى والافكار والطروحات ، ذلك لا يفسد للود قضية ، وعلينا ألا نخلط اوراقنا الخاصة بأوراق مصلحة الوطن العليا ، فكم يحتاج الوطن الى تماسكنا وتوحيد رؤآنا وطاقاتنا وقدراتنا وكم نحتاج الى فكر يضرب بعمق ضمير جيل يدرك معنى وجوهر الولاء والانتماء الوطني الحقيقي ، ويدرك عظمة وقدسية ذلك ..

لنبتعد عن الاقصاء ولنبتعد عن التهميش ، فمهما يكن من أمر ، يجب ان نكون ابناء وطن ، من مختلف اطيافنا وانتماءاتنا والواننا ، علينا ان نلتزم الموضوعية والشفافية والمصداقية عندما نصدر قرارات واحكام تتعلق بالوطن وأمنه وسلمه الاجتماعي دون مداهنة او مجاملة او مماحكة ..

دعونا ننظر الى الاجيال القادمة ، الى مستقبل مشرق واعد بالخير والرخاء والعطاء والامن والاستقرار ،
لا نريد اية افرازات سامة ناتجة عن بعض الممارسات الفاسدة أياً كان موقعها ، ولن نسمح لها ان تتراكم عاماً بعد عام لتحبل سفاحاً ، او لتحدث شرخاً عميقاً في جسد مفهوم الولاء الوطني وثقافة الانتماء الحقيقي لتراب وطننا ..

يجب ان نكون جادين لإخراج انفسنا مما يعصف بنا من تواترات وأزمات ، ما علينا إلا ان نتسلح بثقافة الولاء الصادق لانفسنا ولبعضنا ولوطننا ، وحينها سنعالج اية شروخ احثتها الازمات الاقتصادية والمجتمعية بهدوء ورؤى منطقية بعيدا عن العبثية المقيتة .. من اجل عيون الاردن ، وتراب الأردن ، واهل الأردن ..
ودمتم سالمين