من أكثر الامور خطورة في تناول موضوع نقل السفارة الاميركية الى القدس الشرقية واعلانها من قبل ترمب عاصمة ابدية لاسرائيل هو التعامل مع الحدث باستخفاف وادخاله الى بورصة التعامل الاخباري اليومي واللحظي ، في حين ان خطورة الخطوة ليست في اللحظة بقدر ما هي في ابعادها الدينية والتاريخية التى ستلحق بقرار النقل في المستقبل القريب.
الكثير من المراقبين والمتابعين بل وحتى من السياسيين المحترفين يجهلون الخلفيات الخطيرة لقرار نقل السفارة وعلاقة هذه العملية بموضوع اعادة بناء هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد الاقصى، وعلاقة ذلك باللوبي المدعوم من الكنيسة الانجيلية الملتصقة بالتوراة اكثر مما هي ملتصقة بالانجيل ، والتى ترى ان من اهم مهامها الدينية هي العمل على دعم الجماعات اليهودية المتطرفة داخل وخارج اسرائيل من اجل اعلان القدس عاصمة ابدية لاسرائيل كخطوة اولى ومن ثم هدم المسجد الاقصى واقامة هيكل سليمان المزعوم بدلا منه، عندها وبحسب معتقدات الانجيليين وتحديدا «المعمدانيون»، و«المشيخيون»، و«الميثوديون» سوف يعود السيد المسيح «اليهودي» ليقيم العدل في الارض ويقضى على الظلم بعد ام المعارك الدامية في منطقة هرمجدون والتي تقول عنها انها معركة ( سيقود يسوع المسيح جيشا من الملائكة لينتصر على اعداء االله. ( رؤيا ١٩:١١-١٦ ،١٩-٢١ (وهؤلاء هم مَن يزدرون باالله ويقاومون حكمه. — حزقيال ٣٩:٧. خلفيات هذه العقيدة ترجع الى عام 1099 وهو تاريخ سقوط مدينة القدس على يد الغزاة الصليبيين وتكوين ما سمي «بفرسان الهيكل» والذين سمح لهم الصليبيون بإقامة مقر لهم في المسجد الأقصى بحجة أنه موقع هيكل سليمان المزعوم ومنذ ذلك الوقت تكونت عقيدة اعادة بناء هيكل سليمان والخلاص بعودة
المسيح.
المسيحية الصهيونية او الكنيسة الانجيلية «اليهودية»، هي اكبر قوة سياسية في اميركا واوروبا ، والرئيس ترمب هو الواجهة لهذه القوة التى تجمع المال الصناعي وقوة المؤسسات المالية والمصرفية الكبرى والنفوذ الماسوني والمال الاسود المتأتي من صالات القمار وبيوت الدعارة ورمزه في هذا التحالف القذر «شيلدون ادلسون الصديق الصدوق لنتنياهو وحليف ترمب، وهذه القوة رغم قدمها في الولايات المتحدة وبريطانيا الا ان ترمب الذي نجح باصوات اتباع الكنيسة الانجيلية في الانتخابات الاميركية ، هو التعبير السياسي «المتوحش» عنها وبدرجة اكثر بكثير وحشية رونالد ريغان ووحشية بوش الاب وبوش الابن وهؤلاء كلهم «انجيليون».
ان المرحلة القادمة ستكون هدم المسجد الاقصى تمهيدا لبناء الهيكل وذلك بعد ان لمس الانجيليون والحركة الصهيونية العالمية رد الفعل الفاتر للعرب والمسلمين على القرار الاميركي بنقل السفارة الى القدس الشرقية والاعلان والاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة ابدية لاسرائيل، ولذلك يجب النظر وبمنتهى الجدية للصورة التي قدمتها احدى المنظمات اليهودية المتطرفة قبل ايام للسفير الاميركي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان والتى يظهر فيها معبد سليمان بدلا من قبة الصخرة ويظهر فيها ركام المسجد الاقصى.
تقديم هذه الصورة يعكس تماما تفكير الكنيسة الانجيلية الصهيونية والنوايا المبيتة من اجل تعجيل عودة السيد المسيح حسب معتقدهم، ولست ابالغ حين اقول «انتظروا في اي وقت تفجير المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة من قبل احدى المنظمات الصهيونية المتعصبة التي تتبع «فرسان الهيكل» او تنظيم اخر يؤمن بضرورة اعادة بناء هيكل سليمان في ما يسمى «جبل الهيكل» الذي يضم حاليا المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة.
اصحاب هذه العقيدة «الخرافة» يؤمنون ان مهمتهم هي اعادة بناء الهيكل المزعوم وان هذه المهمة هي تكليف الهي عليهم القيام به من اجل انقاذ الانسانية.
انها اكبر كذبة في التاريخ وايضا اكبر خديعة في التاريخ.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي