بدأت موجة الحر جدية هذه المرة، وصادف أن نزلت الى البحر (عفواً... الى شارع الجامعه) مع أولى ساعات الظهيرة المحترقة، ويال تعاستي بما رأيت... الفتيات ملتصقات الثياب، اللاتي كنّ (مضبوبات) من برد الشتاء وعن المطر بثيابٍ صوفية جلدية طويلة وساتره، ها هن اليوم يرتدين ما يقل عن 10 بالمئة من تلك الثياب، حقاً يال فرحتي العميقة. أحياناً أتمنى من كل قلبي لو أن بلادنا باردة طوال السنة والمطر ينهمر بغزارة دوماً حتى لا تقع أعيننا على مثل هذه المشاهد المحرجة. لكن ما الفائدة وأنا متأكدة أن الموضة ستخترع شيئاً جديداً لإظهار ما لا يصح إظهاره. رغماً عن كل شيء، رغماً عن أنف كل الأعراف والتقاليد والأخلاق والمبادىء والقيم، ورغماً عن كل الأحكام الدينية التي تأمرنا بالاحتشام والستر.
أذكر في أول فصل لي في الجامعة، سمعت أن الأمن الجامعي على البوابات يمنع دخول أي طالب يرتدي (الشورت) أو أي طالبة ترتدي تنورة قصيرة (جداً) أو بلوزة بلا أكمام أولباس يخل بالأخلاق العامة. وبعد أقل من سنه بدأت أرى البنات يدخلن ويخرجن بالثياب (الفاضحة) تحت أعين الأمن المتفحصة المبتسمة، والآن وبعد تخرجي من الجامعة ما زلت ألحظ الثياب وهي تكش يوماً بعد يوم. فهل هذا المنطق مقبول؟
أقصد هل يسمح مجتمعنا بارتداء البنات والشباب ما لا يليق بالأخلاق العامة، ولا يتقبلة العقل ولا المنطق؟ قد يقول شخص ما (أننا اعتدنا على ذلك وعلى كل هذه المظاهر حتى باتت شيئا روتينياً وعادياً لنا فنحن نراه يومياً على شاشات التلفاز وفي الأفلام والمسلسلات) هل حقاً اعتدنا رؤية هؤلاء الفتيات شبه العاريات في شوارعنا وفي جامعاتنا؟ وهل أصبحنا نتقبلها بصدر رحب... طيب لماذا إذن حالات الإنحراف الأخلاقي والإجرام والإغتصاب وغيرها من الجرائم في ازياد مضطرد؟؟
حقيقة لابد من الإشارة إليها وأنا متأكدة من صحتها، نحن مجتمع محافظ وملتزم شيئاً ما، ربما ليس في كل الأماكن، ولكني متأكدة أننا نعيش في مجتمع يرفض هذا النمط من اللباس بصورة عامة، ولا يستسيغة ولا يتقبله ولا (يهضمه). وحتى في بيوتنا، فالأبناء يجدون حرجاً من التفرج على الأغاني والأفلام والبرامج الفاضحة أمام الاهل. فلماذا إذن نتفرج على هذه النوعيات من الأخلاق في جامعاتنا وشوارعنا؟
والسؤال: لماذا نستمرّ بالسماح بذلك؟؟
والسؤال الأكبر: لماذا نصمت عنه وأعيننا تنخر تلك المناظر نخراً؟
هذه الظاهره، هل هي تغيير حقيقي في جذور قيم ومبادىء مجتمعنا؟ وهل هذا يعني بالضرورة أن نتقبلها صامتين مكتوفي الأيدي مبتسمين؟
وهل يعني هذا أني (على سبيل المثال) سوف أسمح لبناتي وأبنائي في المستقبل بارتداء مثل هذه الثياب والخروج بها والذهاب الى الجامعه؟ وأنني سأسمح لهن بعدم ارتداء الحجاب أيضاً؟
وكفكرة لحل خطر في رأسي: لومنعنا دخول البنات بهذه الثياب الى الجامعة، ربما ستقل الظاهره هذه بنسبة كبيرة في الشوارع أيضاً أو على الأقل ستخف من حدتها، ربما من يدري..
ولكني أعتقد أن المظاهرات سوف تقيم الدنيا ولا تقعدها، والمطالبة بحق الإنسان بارتداء ما يريده وما يرتاح له سوف تشكل اللجان والجمعيات والأحزاب.
وفي الوقت الذي تطالب به المسلمات في فرنسا القوانين والدولة كاملة بحقهن بارتداء الحجاب، ويذقن المر والإحراج والمنع والطرد في سبيل المحافظه عليه، تجدنا هنا نتخلى عن المظهر المحتشم وكل ذلك بالتدريح وكل يوم اكثر من الذي قبلة (تحت مسمى الرغبة بالتغيير والتحضر).
ما أود أن أقوله هنا هو توجيه رسالة الى كل تلك الفتيات اللواتي لا يدركن حقيقة ما يفعلن ونتائج ما يحصل، صدقنني هناك طرق كثيرة للتعبير عن شخصياتنا، وفرض حضورنا وحتى جذب الانظار الى ما نريد أن نوصلة، كل تلك الطرق لا تتضمن أبدأ طريقة اللباس والشكل الجاذب والملفت جداً للنظر والمخل بالأخلاق. على العكس تماماً، فاللباس المحتشم والمحترم يفرض احتراما وهيبة على صاحبته. كل ما أستطيع قوله الآن هو أن أدعو اللة تعالى أن يثبتنا ويصبرنا، اللهم آمين.
maimalkawi@yahoo.com